أكد المهندس الزراعي عبدالقادر خضر السميطي أن محصول البن يُعد واحدًا من أهم المحاصيل الاقتصادية التي شكّلت لليمن حضورًا عالميًا مميزًا على مدى قرون، مشيرًا إلى أن البن ليس مجرد منتج زراعي، بل يمثل هوية وطنية ورافعة اقتصادية واجتماعية تعتمد عليها آلاف الأسر في المناطق الجبلية ومناطق زراعته المختلفة.
وأوضح السميطي أن تجارب تطوير زراعة البن أثبتت قدرتها على تحسين سبل العيش، وخلق فرص عمل واسعة في المجتمعات الريفية، ابتداءً من الزراعة مرورًا بعمليات التجفيف والفرز وانتهاءً بالتسويق والتصدير، ما يجعل من هذا المحصول عنصرًا مهمًا في تعزيز الدخل الوطني وزيادة العائد من العملات الأجنبية.
وأشار إلى أن قطاع البن، ورغم هذه الأهمية، لا يزال يواجه تحديات كبيرة تتمثل في ضعف التنظيم، وغياب البيانات الدقيقة، وتشتت الجهود بين الجهات المعنية، الأمر الذي انعكس سلبًا على الإنتاجية وجودة المنتج وقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية.
بطاقة المزارع خطوة تنظيمية لإنقاذ ثروة وطنية
وشدد السميطي على أن اعتماد بطاقة تعريفية أو سجل رسمي للمزارع الفعلي لشجرة البن يُعد خطوة تنظيمية محورية وأساسية لأي تدخلات مستقبلية حكومية أو تنموية. وأوضح أن هذه البطاقة ستُسهم في ربط المزارعين الحقيقيين ببرامج الدعم والتمويل، والتأمين المائي، وتقنيات الري الحديث، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه ويعزز الشفافية ويحد من الهدر والازدواجية.
وبيّن أن البطاقة ينبغي أن تتضمن بيانات أساسية، من بينها:
اسم المزارع
المنطقة أو الوادي
عدد أشجار البن
نوع البن المزروع
مصدر المياه المستخدمة في الري
سنة الزراعة
رقم وطني أو إثبات هوية
أي بيانات إضافية يوصي بها المختصون
مع التأكيد على ضرورة تحديث هذا السجل بشكل دوري لضمان دقة المعلومات وخدمة متخذي القرار.
الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لمحصول البن
وأوضح السميطي أن البن يمثل شريانًا اقتصاديًا لمئات الآلاف من الأسر، لما يوفره من دخل موسمي أكثر استقرارًا مقارنة بمحاصيل أخرى، فضلًا عن دوره في:
تعزيز الأمن الاقتصادي للمزارعين
خلق فرص عمل في الزراعة وسلاسل القيمة المرتبطة بها
رفع العائد الوطني من التصدير
الحفاظ على الهوية الزراعية والتنوع البيئي
تعزيز الروابط الاجتماعية والتكافل المجتمعي في مناطق زراعة البن
مبادرات جريئة لمستقبل أفضل لزراعة البن
ودعا السميطي إلى تبني مبادرات أكثر جرأة إلى جانب البطاقة التعريفية، من أبرزها:
1. إنشاء قاعدة بيانات وطنية رقمية للبن تربط المزارع بالجغرافيا والمياه والإنتاج.
2. تأسيس صندوق وطني لدعم البن بتمويل حكومي ودعم من الجهات المانحة، يُخصص لدعم المدخلات الزراعية، والشتلات، وأنظمة الري، وبرامج التدريب.
3. التوسع في تقنيات الري الموفرة للمياه، مثل الري بالتنقيط وحصاد مياه الأمطار.
4. تنفيذ برامج تدريب متخصصة للمزارعين تركز على تحسين الجودة، ومكافحة الآفات، وإدارة الحيازات، والتسويق حسب الأصناف والمناطق.
5. اعتماد علامة تجارية وطنية موحدة للبن اليمني لتعزيز حضوره العالمي ورفع قيمته الاقتصادية.
ختامًا
واختتم السميطي تصريحه بالتأكيد على أن تنظيم قطاع البن عبر بطاقة المزارع وإطلاق مبادرات تنموية مدروسة يمثل خطوة استراتيجية طال انتظارها، مشددًا على أن البن هو تاريخ وهوية وقيمة اقتصادية قادرة على إحياء الريف اليمني إذا ما أُدير بأسلوب علمي ومنظم.