منحت جامعة تعز اليوم الخميس، الباحث عيبان محمد عبدالرحمن السامعي، درجة الماجستير بامتياز في علم الاجتماع، عن رسالته النوعية التي حملت عنوان: "تمثّلات طلبة جامعة تعز عن تأثير الحرب في الهُوية الوطنية اليمنية: دراسة سوسيولوجية للفترة (2015-2024)".
وحظيت رسالة الباحث باشادت لجنة المناقشة لقيمتها العلمية وأصالتها، ووصفتها بأنها من الدراسات النادرة والجديدة التي تلامس قضية وطنية محورية في ظل ظروف استثنائية تمر بها اليمن.
وتكوّنت لجنة المناقشة من نخبة من أساتذة علم الاجتماع ممثلة بالأستاذ الدكتور عادل مجاهد الشرجبي (جامعة صنعاء) رئيساً ومناقشاً خارجياً، والدكتور عمر إسحاق (جامعة تعز) عضواً ومناقشاً داخلياً، والدكتور ياسر الصلوي (جامعة تعز) عضواً ومشرفاً.
وأظهرت نتائج الرسالة وعيًا مرتفعًا لدى الطلبة بتأثير الحرب على بنية الهُوية الوطنية، مع تمسك قوي بقيم الانتماء والولاء الوطني، يقابله تراجع في الولاء للدولة كمؤسسة، كما أكدت الدراسة أن الحرب أحدثت تأثيرًا مزدوجًا: إذ عززت الانقسامات الاجتماعية وأضعفت الروابط الثقافية والثقة بالمؤسسات، لكنها في الوقت ذاته عمّقت وعي الشباب بأهمية الهُوية الوطنية كآلية دفاعية في مواجهة التفكك.
وأشارت النتائج إلى أن التدخلات الخارجية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتراجع هيبة الدولة، كانت أبرز العوامل المساهمة في إضعاف الهُوية الوطنية، كما كشفت عن تنامي الهُويات الفرعية (الطائفية، المناطقية، القبلية) وتسييسها، ما زاد من حدة التشظي الاجتماعي.
وأبرزت الدراسة دور المؤسسات التعليمية والثقافية في مواجهة الهيمنة الثقافية للجماعات المتصارعة، محذرة من خطورة تزييف وعي المجتمع عبر تغليف الصراع السياسي بغلاف ديني أو مناطقي، كما أظهرت الدراسة وجود فروق في تمثّلات الطلبة بحسب العمر، محل الإقامة، والتخصص الأكاديمي، ما يعكس ديناميكية التفاعل مع الهُوية في سياقات اجتماعية وثقافية متباينة.
ورغم قتامة المشهد، أبدى الطلبة تفاؤلًا مشروطًا بمستقبل الهُوية الوطنية، مرهونًا بإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية.
وقدمت الدراسة حزمة توصيات شاملة، أبرزها: وقف الحرب، المصالحة الوطنية، إعادة بناء الدولة، تعزيز دور الأسرة والمجتمع المدني، إصلاح النظام التعليمي، وإطلاق مبادرات بحثية وثقافية لحماية الهُوية الوطنية.
وقد أهدى الباحث دراسته إلى عائلته، وإلى ذكرى المفكر الراحل الدكتور أبوبكر السقاف، تقديرًا لدوره الريادي في ترسيخ الوعي النقدي والحرية الفكرية في اليمن والعالم العربي.
وتأتي هذه الدراسة لتضيء زاوية جديدة في فهم علاقة الحرب وتأثيراتها بالهُوية الوطنية، وتمنح صناع القرار والباحثين معطيات علمية ثمينة لرسم سياسات تعزز التماسك الوطني وتحصّن المجتمع من مخاطر التشظي والانقسام.
