آخر تحديث :السبت-22 نوفمبر 2025-08:52ص
أخبار وتقارير

اتهامات يمنية لمناهج الحوثيين بتقويض التعليم

السبت - 22 نوفمبر 2025 - 07:33 ص بتوقيت عدن
اتهامات يمنية لمناهج الحوثيين بتقويض التعليم
عدن الغد - متابعات

يحذّر مهتمون بقطاع التعليم في اليمن من مخاطر غير مسبوقة تهدد هذا القطاع الحيوي، بعد أن حولت الجماعة الحوثية المدارس في مناطق سيطرتها إلى منصات لبث الطائفية والشحن الآيديولوجي، مستبدلة المناهج الوطنية المعتادة بمحتوى تعبوي يضرب قيم المواطنة والتعايش، وسط أزمة تعليمية تُعد من الأكثر تعقيداً على مستوى العالم.

وحسب تقارير «مؤسسة ألف لدعم وحماية التعليم»، وهي منظمة مستقلة غير حكومية، فإن اليمن يعيش كارثة تعليمية ممتدة، إذ جرى تعطيل العملية التعليمية على نحو واسع منذ سنوات الحرب، ما أدى إلى تهديد مباشر لمستقبل ملايين الأطفال.

وتشير المؤسسة، ومقرها اليمن، إلى أن ما يقرب من 2860 مدرسة، أي نحو 18في المائة من إجمالي مدارس البلاد، تضررت أو أُغلقت كلياً منذ بدء الصراع، ما اضطر آلاف التلاميذ للانتقال إلى مدارس بعيدة أو الالتحاق ببيئات تعليمية غير آمنة تفتقر لأبسط المقومات.

وتكشف المؤسسة أن نحو 4 ملايين طفل باتوا خارج مقاعد الدراسة؛ بينهم 1.5 مليون طفل نازح داخلياً يعيشون في مخيمات محرومة من المدارس والخدمات الأساسية، إضافة إلى 870 ألف طفل من ذوي الإعاقة يواجهون تحديات كبيرة تمنعهم من الالتحاق بالتعليم.

كما أدى انقطاع رواتب أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة للسنة الثامنة على التوالي إلى تراجع كبير في جودة التعليم، فضلاً عن دفع شريحة واسعة من الكادر التربوي للبحث عن أعمال بديلة لتأمين مصادر دخل.

وترى المؤسسة أن هذه المؤشرات تعكس «أزمة تعليمية مركّبة» قد تمتد تبعاتها لجيل كامل، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الأمية إلى 57 في المائة من السكان، مقارنة بمتوسط إقليمي لا يتجاوز 28 في المائة. وتؤكد أن هذا المستوى الخطير من الأمية «ينذر بكارثة معرفية قد تمتد لأجيال مقبلة».

وتلفت المؤسسة إلى أن الفتيات يعدّن الأكثر تأثراً بالتدهور التعليمي، حيث اضطر عدد كبير منهن لترك المدارس بسبب غياب المعلمات بعد توقف الرواتب، إضافة إلى انعدام الأمان والضغوط الاجتماعية، ما يجعل مستقبل النساء في اليمن مهدداً على المدى الطويل.

وجددت المؤسسة المعنية بالتعليم تحذيرها من عمليات «تسييس المناهج الدراسية» التي يجريها الحوثيون، عبر إدخال محتوى طائفي وآيديولوجي يخدم توجهاتهم الفكرية والسياسية على حساب القيم الوطنية الجامعة. وترى أن هذا التوجه «يقوّض حيادية التعليم، ويزرع الانقسام، ويهدد الهوية الوطنية المشتركة التي كانت تشكل إطاراً للتعايش الاجتماعي».

وتؤكد المؤسسة أن ملايين الأطفال يقفون اليوم على أعتاب مستقبل ضبابي، في ظل غياب التعليم الآمن والعادل والشامل، داعية كل أطراف النزاع إلى احترام حق الأطفال في التعليم والامتناع عن استهداف المدارس أو تحويلها إلى ثكنات أو مقرات عسكرية.

وتطالب المؤسسة بإنهاء أزمة رواتب المعلمين فوراً، باعتبارها «شرطاً أساسياً لإعادة إطلاق العملية التعليمية»، مع ضرورة تبنّي آلية مستدامة لصرف الرواتب بعيداً عن التجاذبات السياسية. كما دعت إلى توفير تعليم مُنصف وشامل للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك النازحون، وذوو الإعاقة، والفتيات، عبر توسيع برامج التعليم المخصص والدامج، وضمان بيئة مدرسية آمنة وداعمة نفسياً.

وتشدد المؤسسة على ضرورة الالتزام العالمي بـ«إعلان المدارس الآمنة» وإخلاء المدارس من المظاهر المسلحة، مؤكدة أهمية تعزيز دور الأسر والمجتمعات المحلية في حماية العملية التعليمية ومراقبة الانتهاكات، فضلاً عن دعم المبادرات المجتمعية التي تساعد على إبقاء المدارس عاملة.

وطالبت المؤسسة الدول المانحة والمنظمات الدولية بزيادة الاستثمار في دعم التعليم في اليمن وتمويل برامج إعادة تأهيل المدارس، وتوفير المناهج، ودعم تدريب المعلمين، وتسهيل عودة الأطفال المتسربين إلى مقاعد الدراسة.

كما دعت وسائل الإعلام المحلية إلى تبنّي خطاب مهني يعزز قيم التعليم والهوية الوطنية، ويبتعد عن الخطابات التي تغذي الكراهية والاستقطاب.

وأكدت المؤسسة أنها ستواصل العمل على رصد الانتهاكات التعليمية وتوثيقها باستخدام الأدلة والمصادر المفتوحة، وإصدار تقارير دورية للدفاع عن حقوق الأطفال محلياً ودولياً.

وشددت المؤسسة على أن «إنقاذ التعليم في اليمن ليس خياراً ثانوياً، بل واجب وطني وإنساني عاجل»، وقالت إن «السلام الحقيقي يبدأ من المدرسة، وإن حماية الأطفال اليوم هي حماية لمستقبل اليمن».