في مشهدٍ يعكس تحولاً لافتاً في سياسات التنمية المحلية ، تتجه محافظة شبوة نحو إعادة تموضعها على الخارطة الرياضية الإقليمية والدولية. خطوة جديدة قادها محافظ المحافظة الشيخ عوض محمد بن الوزير، الذي أعلن عن صرف المخصصات المالية لجميع أندية شبوة، بالتوازي مع الترحيب باستضافة بطولة قنا الدولية للشطرنج ولأول مره ، وهو حدث رياضي نادر على مستوى البلاد، يفتح الباب أمام حضور دولي متجدد في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية حيوية.
رؤية جديدة للرياضة والتنمية
تحمل الخطوة الأخيرة للمحافظ بن الوزير بعداً استراتيجياً يتجاوز مجرد الدعم المالي للأندية. فالمحافظ — الذي يترأس المجلس المحلي — أكد خلال لقائه بمدير مكتب الشباب والرياضة بمحافظة  شبوة الأستاذ محسن عوض سنان، أن الرياضة ليست ترفاً في مرحلة ما بعد الصراع، بل هي جزء من رؤية تنموية متكاملة تهدف إلى تمكين الشباب ، وتعزيز التماسك الاجتماعي، واستثمار الطاقة الإبداعية في بناء مجتمع متوازن ومستقر .
ويأتي هذا التوجه في وقتٍ تسعى فيه السلطات المحلية إلى تحويل الرياضة إلى رافعة للتنمية البشرية، من خلال دعم المواهب، وتأهيل الكوادر الرياضية، وإعادة تأهيل المنشآت التي تضررت خلال السنوات الماضية . ويعد مشروع إعادة تأهيل ملعب الخليفي بمدينة عتق وتعشيب في القريب العاجل ملعب نادي التضامن من أبرز المشاريع الحيوية ضمن هذا الإطار .
بطولة قنا الدولية للشطرنج : نافذة من قلب شبوة
من بين أبرز ملامح التحول الرياضي في المحافظة إعلان استضافة بطولة قنا الدولية للشطرنج، التي تمثل حدثاً نوعياً يربط شبوة بالفضاء الرياضي العالمي. فالشطرنج — الذي يوصف بلعبة العقول — يجسد هنا بعداً رمزياً يعكس عودة اليمن للمنافسة الدولية من بوابة السلام والعقلانية.
وقد وجّه المحافظ بن الوزير مختلف الجهات المعنية بتوفير التسهيلات اللوجستية والتنظيمية لإنجاح البطولة ، مشدداً على أن هذا الحدث يجب أن يعكس "الصورة المشرقة لشبوة"، ويبرز قدرتها على تنظيم فعاليات بمعايير دولية رغم التحديات.
 إلى الأولمبياد المحلي 
إلى جانب البطولة الدولية، أعلن المحافظ أيضاً إقامة الأولمبياد الرياضي الشامل في شبوة، في خطوة تهدف إلى توسيع قاعدة المشاركة الشبابية، وتحفيز المنافسة في مختلف الألعاب الرياضية. وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود رسم ملامح جديدة للرياضة كمشروع مجتمعي شامل، يدمج بين التعليم، والثقافة، والتنمية المحلية.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه يشكّل نقطة تحوّل في مفهوم الحوكمة المحلية في اليمن، حيث تحاول بعض المحافظات — وعلى رأسها شبوة — إعادة بناء هويتها من خلال الاستثمار في الإنسان، لا عبر مشاريع البنية التحتية فحسب، بل من خلال بناء رأس مال اجتماعي قادر على خلق مستقبل مستدام.
الرياضة كجسر للسلام والتنمية
تسعى شبوة اليوم إلى أن تكون نموذجاً لمحافظات ما بعد الحرب في اليمن، حيث يمكن للرياضة أن تؤدي دوراً محورياً في تعزيز التماسك الاجتماعي، ومداواة آثار الصراع، وفتح قنوات تواصل جديدة بين الشباب والمجتمع. فالدعم المقدم للأندية الرياضية (21 نادياً معترفاً بها) لا يعني فقط تمويل الأنشطة، بل هو استثمار في روح الأمل والانتماء لدى جيلٍ يتطلع إلى مستقبل مختلف.
 شبوة في طريقها إلى المشهد الدولي
ما تقوم به شبوة اليوم ليس مجرد نشاط محلي، بل هو خطوة رمزية ضمن سردية وطنية أوسع تسعى إلى إعادة تعريف علاقة اليمن بالعالم، عبر الرياضة والثقافة والإنسان. ومع انفتاح المحافظة على استضافة فعاليات دولية مثل بطولة قنا للشطرنج، تقترب شبوة من أن تكون منصة جديدة للحوار والتفاعل الدولي في منطقة طالما ارتبطت بالنزاع، لكنها اليوم تكتب قصة مختلفة — قصة نهضة تبدأ من الميدان الرياضي، وتمتد إلى فضاءات أوسع من الأمل والبناء .