آخر تحديث :الأحد-19 أكتوبر 2025-09:37م
أخبار وتقارير

تصعيد الحوثي ضد المنظمات الأممية.. تحذيرات من تداعيات كارثية على العمل الإنساني في اليمن

الأحد - 19 أكتوبر 2025 - 06:45 م بتوقيت عدن
تصعيد الحوثي ضد المنظمات الأممية.. تحذيرات من تداعيات كارثية على العمل الإنساني في اليمن
(عدن الغد)خاص:

خلّفت حادثة اقتحام مليشيا الحوثي الإرهابية، مجمعاً سكنياً للموظفين الأمميين في صنعاء، أمس السبت، إدانات حقوقية واسعة، وسط تحذيرات من انعكاسات خطيرة على العمل الإنساني، ومطالبات للأمم المتحدة، باتخاذ مواقف حازمة إزاء هذه الانتهاكات.

وكانت قوة أمنية مدججة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي، اقتحمت مجمع سكن موظفي الأمم المتحدة (UNCAF) الواقع في شارع حدة بصنعاء، وقامت باحتجاز عدد من الموظفين الأجانب والمحليين، قدّرتهم "رابطة أمهات المختطفين" بنحو 20 موظفاً، كما صادرت متعلقات شخصية وأصول أممية.

وجاء الاقتحام الحوثي بعد يومين من خطاب لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، اتهم فيه منظمات تابعة للأمم المتحدة، وخصص منها برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف، بالمشاركة في "أنشطة تجسسية وعدوانية"، وقال إن بعض موظفيها لعبوا دورا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماع الحكومة التابعة للحوثي في صنعاء وأدت إلى مقتل رئيسها وعدد من وزرائها أواخر أغسطس آب.

اتهامات الحوثي رفضتها الأمم المتحدة، يوم الجمعة، بشكل قاطع الاتهامات التي وجهتها جماعة الحوثي لموظفيها في اليمن، مؤكدة أن هذه المزاعم "مقلقة للغاية" و"تعرض حياة العاملين في القطاع الإنساني للخطر".

تمهيداً لمرحلة جديدة

حذّرت منظمة سام للحقوق والحريات (مقرها جنيف) من أن الحادثة التي تأتي في إطار تصعيد متنامي ضد المنظمات الأممية والدولية، قد تمهد لمرحلة جديدة من استهداف العمل الإنساني وتنذر بآثار كارثية.

وقالت في بيان، إن الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي تشهد تصاعدًا خطيرًا في استهداف المنظمات الدولية والعاملين في المجال الإنساني، وسط خطاب تحريضي متزايد يهدد سلامتهم ويقوّض بيئة العمل الإنساني في اليمن.

وأشارت المنظمة إلى أن هذا التصعيد بلغ ذروته في حادثة اقتحام مجمع (UNCAF) في خطوة وصفتها "سام" بأنها الأخطر منذ سنوات على صعيد استهداف البعثات الأممية، حيث تم استخدام "مدرعات وآليات عسكرية بعد تطويق المجمع وإغلاق جميع مداخله، وقطع التيار الكهربائي وإيقاف كاميرات المراقبة والاتصالات والإنترنت في محاولة لعزل المجمع تمامًا عن محيطه".

وذكرت "سام" أن المسلحين اقتحموا مباني المجمع واحتجزوا نحو 15 موظفًا دوليًا وعددًا من العاملين المحليين، وأُجبروا الأجانب على البقاء في فناء أحد المباني، بينما احتُجز الموظفون اليمنيون في القبو، ونُفذت عمليات تفتيش ومصادرة واسعة شملت السيرفرات، والهواتف، والكمبيوترات، وكاميرات المراقبة، ووثائق وأصولًا تابعة للأمم المتحدة.

ولفتت المنظمة إلى أن القوات الحوثية ما تزال متمركزة داخل المجمع ـ حتى لحظة صدور البيان ـ وأن الموظفين اليمنيين يخضعون لتحقيقات مطولة في ظروف أمنية قاسية، مؤكدة أن الحادثة تمثل اعتداءً سافرًا على حرمة المقرات الدولية وحصانتها القانونية.

ونوهت "سام" إلى أن الاقتحام الذي جاء بعد يومين فقط من الخطاب التحريضي الذي أطلقه زعيم جماعة الحوثي المسلحة، معتبرة أن هذا الخطاب تحريض مباشر ضد العاملين الإنسانيين ومقدمة ممنهجة لتبرير الاعتداءات على مقرات المنظمات الدولية.

وشددت على أن استمرار هذه الممارسات العدائية ينذر بعواقب إنسانية وخيمة، وقد يدفع المنظمات الأممية إلى تقليص أو تعليق أنشطتها الإنسانية في اليمن، مما سيضاعف معاناة ملايين المدنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات تشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 التي تنص على حرمة مقرات البعثات الدولية وعدم جواز اقتحامها أو مصادرتها، فضلًا عن كونها انتهاكًا للمادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف التي تلزم جميع الأطراف بحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.

وطالبت "سام" جماعة الحوثي بالانسحاب الفوري من مجمع الأمم المتحدة والإفراج عن جميع المحتجزين، ووقف حملات التحريض ضد المنظمات الدولية والعاملين فيها، كما دعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى موقف واضح وحازم تجاه هذا الاعتداء، واتخاذ إجراءات عاجلة لضمان حماية مقراتها وموظفيها في اليمن.


مستقبل كارثي للعمل الإنساني

من جانبه أدان المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) ـ مقره ميتشيغان ـ الواقعة، وأكد أن هذا الاعتداء يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية حماية موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها لعام 1994، التي تُلزم جميع الأطراف باحترام وحماية العاملين الأمميين ومقراتهم في جميع الأوقات.

وأضاف أن هذا السلوك "يشكّل تهديداً مباشراً للعمليات الإنسانية في بلد يعتمد فيه أكثر من 21 مليون شخص على المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة".

وأوضح المركز بأن التحريض الممنهج ضد المنظمات الإنسانية وتصويرها كـ"جهات معادية" يُعدّ سلوكاً خطيراً يمهّد لمزيد من الانتهاكات، ويزرع الخوف بين العاملين الإنسانيين، ويقوّض جهود المجتمع الدولي لتخفيف معاناة الشعب اليمني.

وحملّ (ACJ) جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامة الموظفين الأمميين والمحليين المحتجزين أو الخاضعين للتحقيق، ودعا إلى إطلاق سراحهم فوراً ووقف جميع أشكال التضييق على المنظمات الدولية والعاملين فيها.

وناشد المركز الأمم المتحدة، ومجلس الأمن والدول الراعية للسلام في اليمن باتخاذ موقف حازم وعاجل إزاء هذا التصعيد، وبحث آليات المساءلة الدولية لضمان عدم إفلات المتورطين من العقاب، مع اتخاذ إجراءات عملية لحماية الطواقم الإنسانية العاملة داخل البلاد.

وأكد المركز الأمريكي للعدالة على أن استمرار هذه الممارسات العدائية يهدد بانهيار كامل لمنظومة العمل الإنساني في اليمن، ما ينذر بكارثة جديدة تضاف إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.