آخر تحديث :الأربعاء-01 أكتوبر 2025-09:00م
دولية وعالمية

ترامب يرسم مسارا شائكا لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة

الأربعاء - 01 أكتوبر 2025 - 07:23 م بتوقيت عدن
ترامب يرسم مسارا شائكا لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة
رويترز

تضاءلت منذ فترة طويلة آمال السلطة الفلسطينية في إدارة دولة مستقبلية بعد أن أخرجتها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من غزة قبل عقدين واتخاذها من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل مقرا وفي ظل ما تعانيه من ضائقة مالية.

إلا أن الآمال تجددت لفترة وجيزة يوم الاثنين عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لإنهاء الحرب على غزة تضمنت إشارة إلى دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية، ورئيسها محمود عباس البالغ من العمر 89 عاما، والتي لم توضع في موضع اختبار انتخابي منذ 2005.

وتتطلب الشروط المنصوص عليها في خطة ترامب المكونة من 20 نقطة من السلطة الفلسطينية إجراء إصلاحات صعبة قبل أن تتمكن من إدارة غزة مرة أخرى، مما يرسم مسارا شائكا لعودتها إلى القطاع الذي قالت إسرائيل إنها لن تلعب فيه أي دور وحيث تواجه معارضة من حماس منافستها منذ فترة طويلة.

* خطة ترامب تزرع "حقول ألغام" أمام دور السلطة الفلسطينية


على الرغم من أن علاقاتها مع واشنطن شهدت تقلبات حادة على مر السنين، فإن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومعظم دول العالم تعترف بالسلطة الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني. وكانت الطرف الرئيسي على الطاولة في الجهود الدولية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والاتفاق على حل الدولتين.

ومع ذلك، قال غسان الخطيب أستاذ الدراسات الدولية والعلوم السياسية بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية والوزير السابق بالسلطة الفلسطينية إن خطة ترامب لم تترك سوى "احتمال نظري" لدور للسلطة الفلسطينية في غزة في المستقبل كونها تزرع "الكثير من حقول الألغام والشروط".

وأضاف "هذه الخطة ليست جيدة للسلطة الفلسطينية، وليست جيدة للتطلعات السياسية الفلسطينية... فالضفة الغربية وغزة لن تكونا وحدة واحدة متكاملة".

ولم تعلن حماس بعد موقفها من الخطة، التي تتضمن إنهاء فوريا للحرب التي تفتك بغزة منذ أن هاجمت الحركة إسرائيل في عام 2023، إلى جانب الإفراج عن الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم.

ودأبت السلطة الفلسطينية على إبداء استعدادها لتولي زمام الأمور في غزة من حماس، وكثفت الوعود بالإصلاحات منذ أن طرحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن فكرة سلطة فلسطينية "محدّثة" لإدارة غزة ما بعد الحرب.

وتنص خطة ترامب المقترحة على أن تتولى إدارة غزة لجنة فلسطينية انتقالية غير سياسية تشرف عليها هيئة دولية برئاسته "إلى أن يحين الوقت" الذي تستكمل فيه السلطة الفلسطينية الإصلاحات، والتي تتضمن ما يراه محللون فلسطينيون مطالب سياسية صعبة وردت في خطته للسلام لعام 2020.

وتنص الخطة أيضا على نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار تتولى تدريب ودعم الشرطة الفلسطينية الذي سيخضع عناصرها لفحص دقيق، وذلك بالتشاور مع الأردن ومصر.

وقال مسؤول أردني كبير إن القوة الفلسطينية، التي ستتلقى التدريب في مصر والأردن، سيكون لها تسلسل قيادة بعيد عن السلطة الفلسطينية. وسيتم ترتيب التمويل والإشراف من خلال آلية عربية إسلامية، مع عدم ربط الرواتب بالسلطة الفلسطينية مباشرة.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تركز على إنهاء الحرب على غزة وحكم حماس بالقطاع إلى جانب تحرير الرهائن وإيصال المساعدات الضرورية. ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب للتعليق.

* ترامب يحث على إصلاح السلطة الفلسطينية


عندما تأسست السلطة الفلسطينية في عام 1994، كان الفلسطينيون يأملون أن تكون نقطة انطلاق نحو إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية.

لكن هذا الهدف صار فيما يبدو بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى على الرغم من الخطوات التي اتخذتها الدول الغربية في الآونة الأخيرة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.

فقد تسارعت وتيرة بناء المستوطنات الإسرائيلية، ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقامة دولة فلسطينية بوصفها تهديدا لإسرائيل.

ودائما ما حثت الدول المانحة السلطة الفلسطينية على التصدي للفساد.

وتشمل المطالب الأخرى إصلاح المناهج الدراسية. وقال نتنياهو، في كلمة بالأمم المتحدة في 26 أيلول سبتمبر، إن الكتب المدرسية الفلسطينية تعلّم الأطفال "كراهية اليهود وتدمير الدولة اليهودية".

وسعت واشنطن أيضا إلى وقف مدفوعات السلطة الفلسطينية لعائلات الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل أو سجنتهم، وهو ما يطلق عليه المنتقدون "الدفع مقابل القتل" -وهو مطلب كررته السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة يوم الاثنين.

وتقول السلطة الفلسطينية إنها تحرز تقدما، مشيرة إلى أن عباس ألغى قانونا ينظم مثل هذه المدفوعات في فبراير شباط. وقال مسؤول فلسطيني إن العائلات تتلقى الآن الدعم من خلال صندوق للرعاية الاجتماعية.

كما التزمت السلطة الفلسطينية بتطوير المناهج الدراسية لتتوافق مع معايير الأمم المتحدة.

ويقول محللون فلسطينيون إن من العقبات المحتملة أيضا المطالبة الواردة في خطة ترامب لعام 2020 للقادة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل "كدولة يهودية". وقال المحلل هاني المصري إن هذا سيكون شرطا مستحيلا بالنسبة للسلطة الفلسطينية.

وسبق أن رفض عباس هذا المطلب قائلا إن منظمة التحرير الفلسطينية، التي يرأسها، سبق أن اعترفت بإسرائيل في عام 1993.

وأشار إلى أن 21 بالمئة من سكان إسرائيل من العرب، ومعظمهم من أصول فلسطينية ويحملون جنسية إسرائيل.

* خزائن السلطة الفلسطينية في أزمة والسعودية تتعهد بدعمها


قال ترامب إنه إذا لم تستكمل السلطة الفلسطينية الإصلاحات الواردة في خطته التي تعود لعام 2020، "فعليهم ألا يلوموا إلا أنفسهم"، مضيفا أن الفلسطينيين يتمتعون "بدعم رائع" من القادة العرب.

وتعهدت السعودية في سبتمبر أيلول بتقديم 90 مليون دولار لدعم مالية السلطة الفلسطينية في إطار مبادرة يدعمها أيضا عدد من الحكومات الغربية للمساعدة في تحقيق الاستقرار لماليتها العامة المستنزفة.

وتواجه خزائن السلطة الفلسطينية، التي تعاني نقصا حادا في التمويل منذ مدة طويلة، ضغوطا إضافية منذ اندلاع الحرب في غزة بسبب احتجاز إسرائيل إيرادات الضرائب التي تجمعها نيابة عنها.

وشاركت الرياض أيضا في رعاية مؤتمر بالأمم المتحدة لدعم حل الدولتين، والذي أصدر إعلانا يدعم تشكيل إدارة انتقالية في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية.

وتشير خطة ترامب بشأن غزة إلى إمكان إقامة دولة فلسطينية، إذ تقول إنه "مع تقدم عملية إعادة إعمار غزة وعندما يجد برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية طريقه إلى التنفيذ الدقيق، قد تتوفر أخيرا الظروف المواتية لمسار جاد نحو تقرير الفلسطينيين لمصيرهم وإقامة دولة".

ورحبت السلطة الفلسطينية بجهود ترامب الرامية لإنهاء الحرب. وقال نبيل أبو ردينة مساعد عباس لرويترز إن السلطة الفلسطينية تنفذ الالتزامات التي تعهدت بها قبل اعتراف فرنسا وبريطانيا وكندا بدولة فلسطينية.

وأضاف "بعثنا برسالة إلى قادة العالم أننا ملتزمون بإجراء الإصلاحات المطلوبة ونحن نقوم بهذه الإصلاحات، وهذه التعهدات سبقت الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية".