في مشهد ينذر بكارثة إنسانية، تكشف زيارة ميدانية لواقع التعليم في مديرية خنفر بمحافظة أبين عن أوضاع مأساوية تهدد حياة آلاف الطلاب والطالبات في مدرستي "سمية أم عمار" بمنطقة المخزن و"فاطمة الزهراء" للتعليم الأساسي بمدينة جعار، حيث تقف المباني المتصدعة على حافة الانهيار الكامل وسط غياب الحلول العاجلة وصمت مطبق للسلطة المحلية.
مشاهد صادمة .. جدران متشققة وأسقف آيلة للسقوط وانهيار أرضي
كشفت الجولة التفقدية داخل المدرستين عن واقع مرعب، حيث تظهر التشققات العميقة في الجدران والأسقف المتهالكة والأساسات المتآكلة التي تهدد بالانهيار في أي لحظة. ففي مدرسة "سمية أم عمار" بمنطقة المخزن، تبدو المباني وكأنها شاهد على إهمال طال أمده، تشققات وتصدعات في الجدران واسقف آيلة للسقوط، وأساسات متآكلة. بينما تعاني كذلك مدرسة "فاطمة الزهراء" بجعار من تشقق وتصدع الجدران وأرضيات الصفوف، وانهيار أرضي واضح يمكن رؤيته بالعين المجردة يمتد كالسرطان في أرضية وساحة المدرسة ما قد يتسبب بهبوط الصفوف الأخرى وتشقق جدرانها وانهيارها.
أصوات من الميدان تكشف عمق المأساة
في تصريح خاص، أوضح الأستاذ زيان، مدير مدرسة سمية أم عمار، حجم الكارثة قائلاً: "لدينا 10 فصول دراسية، أي ما يعادل نصف فصول المدرسة، أغلقت بالكامل بسبب خطر الانهيار الوشيك. هذا الأمر اضطرنا لاتخاذ إجراءات طارئة تشمل العمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية، مع دمج الصفوف وتقليص وقت الحصة الدراسية وإلغاء الطابور المدرسي".
وأضاف زيان : "نحاول جاهدين استيعاب ما يقارب 2000 طالب وطالبة من منطقة المخزن والقرى المجاورة، لضمان استمرار العملية التعليمية رغم كل التحديات".
وأردف زيان، لقد زار محافظ أبين اللواء الركن أبوبكر حسين سالم قبل أكثر من أربع سنوات ووعد بإعادة البناء لكن إلى هذه اللحظة لم نرَ ومضة نور من وعده لنا، لكن مازال هناك بصيص أمل لأن يوفي المحافظ بما وعد ونحن على ثقة كبيرة بتنفيذ ذلك.
من جانبها، قالت الأستاذة سيناء حسين من مدرسة فاطمة الزهراء: "لا نواجه خطر انهيار 4 فصول دراسية تشكل ثلث فصول المدرسة فحسب، بل إن الانهيار الأرضي المنتشر في الفصول الدراسية ذاتها وساحة المدرسة ينذر بكارثة شاملة. المدرسة أصبحت غير آمنة بالكامل وقد تنهار في أي لحظة، مما يعرض حياة المعلمات والطالبات للخطر اليومي".
تأثيرات متعددة .. من الاكتظاظ إلى تدهور جودة التعليم
أدت هذه الأزمة إلى تداعيات خطيرة على العملية التعليمية، حيث اضطرت مدرسة فاطمة الزهراء إلى دمج بعض الصفوف وتدريس بعض الطالبات في فناء المدرسة بسبب نقص الفصول الصالحة للعملية التعليمية. وفي مدرسة سمية أم عمار، تم دمج الصفوف مما أدى إلى اكتظاظ غير مسبوق يؤثر سلباً على جودة التعليم داخل الفصول الدراسية حسب ما اكدت الأستاذة سكينة سعيد فضل حيمد.
إرادة تحدّي الظروف: طلاب ومعلمون يرفضون انقطاع التعليم
رغم قسوة الظروف وتهديد السلامة العامة، يواصل الطلاب والطالبات حضورهم اليومي، كما يلتزم المعلمون والمعلمات بأداء رسالتهم التعليمية بشكل لافت، في تأكيد واضح على إرادة المجتمع الرافضة لانقطاع التعليم. المشهد اليومي في هذه المدارس يشهد على تصميم غير عادي في مواجهة الظروف الصعبة.
طموحات متواضعة: منشآت آمنة بدلاً من أحلام التطور
في ظل هذه الأوضاع، لم تعد إدارات المدارس وهيئتها التعليمية وطلابها تطمح بمدارس فارهة تضم قاعات أجهزة الحاسب الآلي أو المعامل الفيزيائية والكيميائية أو السبورات الذكية، بل يبحثون فقط عن مدارس تقليدية آمنة تحميهم من خطر الانهيار على رؤوسهم.
نداء عاجل إلى المسؤولين في السطة المحلية بالمحافظة
تشير المعطيات الميدانية إلى أن هدم وإعادة بناء هاتين المدرستين لم يعد ترفاً، بل استثماراً حيوياً في مستقبل أجيال لا يمكن أن يبنى بمدارس على وشك الانهيار. السؤال الذي يظل عالقاً: إلى متى ستبقى هذه المدارس تنتظر التدخل العاجل من قبل السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالمحافظ اللواء الركن ابوبكر حسين قبل وقوع كارثة إنسانية تذهب بأرواح بريئة؟

