في لفتة قومية ومشاعر نابضة بالحُزنُ وموسيقى حزينة متصاعدة ، تتناسب مع الطابع الدعائي والتأملي ، ومرتبطة بحب القضية الفـ.ـ.ـلسطينية والوفاء لها ، عبّر “القاضي ميمون الحمودي” عن حزنه العميق لما يدور في “غـ.ـز..ة من حصار وتـ.ـجويع وقـ.ـتـ.ـل” وذلك من خلال أبياتٍ شعرية مؤثرة ذكر فيها “قهر اليتيم وصرخة الأباء” بكلماتٍ تجلّت فيها مشاعر الصدق والحب والرحمة والحزن.
حيث بدأت القصيدة والتي حملت بعض السمات المعاصرة للشعر الإسلامي ، حيث وظف الشاعر الموروث الديني في الإبتهال والرباط لخدمة قضايا الأمة أجمع ، وذلك يظهر جليًا بإفتتاحه للقصيدة بنغمة التوبة والخشوع ، قبل أن تتحول بعد ذلك إلى الألم والحزن مع وصفه للواقع الفلـ.ـسطيني الأليم والخذلان العربي والمجتمع الدولي ، ثم أختتمها بنغمة الرجاء والصبر.
وبتلك الأبيات الشعرية خلّد “القاضي ميمون” ذكرى “القضية الفـ.ـ.ـلسطينية” في القلوب، وتُعبّر عن ما تركته من أثر في نفوس الناس حول العالم ، ومعها امتزجت مشاعر الشاعر بالحُزن والدعاء.
هذا وبرغم طابعها المباشر الذي أمتزج بين الخطاب القومي والديني، إلا أنها حافظت على وحدة فنية واضحة ، فجمالها يكمنُ في صدق العاطفة وبساطة الألفاظ وقوة الإيقاع ، وهو ما كان السبب في التفاعل الواسع بين المتابعين للقضية الفـ.ـ.ـلسطينية ، خاصة وأنها أتت بعد واقعت مـ..ـقـتـ...ـل مراسل الجزيرة “أنس الشريف”، حيث عبّروا عن جُلَّ غضبهم لما يحصل لأبناء “غـ.ـز..ة” من حصار وتـ.ـجويع وقـ.ـتـ.ـل ، مؤكدين أن النصر قريب للمستضعفين لا محالة وهذا وعد الله تعالى رغم الصمت والخذلان من رؤوساء وأمراء وملوك الدول العربية والإسلامية والدولية.
حيث بدأ القاضي الحمودي قصيدته التي مزج فيها بين الإبتهال الديني والرثاء القومي، بالمناجاة والتضرع إلى الله عز وجل ، مما خلق توازنًا بين الشعور الروحاني والواقعي ، وهو إعتراف من الشاعر بالذنب الذي قد يكون سببًا في إنتكاس أمة وهلاك أقوام وفناء حضارةٍ كانت عما قريب تقود العالم ، ثم طلب العفو لعلَّ في نيله يأتي النصر عما قريب.
ثم انتقل الحمودي “إلى تمجيد صفات الله تعالى في العظمة ، والإجابة ، والإحاطة ، والنصرة ، والعلم بالغيب”.
بعد ذلك أتجه الشاعر إلى تصوير معاناة الشعب الفـ.ـلسطيني وعلى وجه الخصوص “معاناة أبناء غـ...ـز..ة وعـ.ـسقـ.ـ..ـلان) من حـ.ـصار وقــ...ـتل وتجـ....ـ.ـويع وخيانة حقوق الجوار ، وغطرسة العـ.ـدو المتربص وخذلان العالم أجمع إلا القليل من الأحرار.
وختم القاضي ميمون الحمودي قصيدته العصماء بالرجاء في نصر الله، والتأكيد على أن الصبر في الرباط على الثغور هو منحة ربانية ، وأن النصر والفرج لا يأتي إلا من الله تعالى ، وأنه وحده القادر على نصرة المظلومين.
وجاءت القصيدة على النحو التالي:
رباه عفوك عدتي ورجائي ،،
فالعمر ولَّى والذنوب ردائي ..
يامن تعالى قدره وصفاته ،،
وله الامور تردُّ في الأرجاء ..
يامن يجيب اللآئذين بحبله ،،
ويرى العباد تئنُّ في الظلماء ..
يامن تبارك ذكره وجلاله ،،
منشي السحاب برعدها والماء ..
يامن يرى حال الكسير ببابه ،،
ويرى الخفايا في دجى الظلماء ..
يا مدرك الثارات ليس بتاركٍ ،،
قهر اليتيم وصرخة الاباااااء ..
يامن أحاط بكل عبدٍ قيده ،،
فهو المليك وقاهر الأعداء ..
رباه شعبٌ قطعت أوصاله ،،
ويبادُ في الاصباح والامساء ..
قد اطبقوا فيه الحصار وأجمعوا ،،
لسياسة التجويع والاجلاء ..
وغدا العدو يجول في أطرافه ،،
وكأنه من جملة الأبناء ..
والجار خان لدينه متأخرًا ،،
بولائه للسافكين دمائي ..
يارب غزة عسقلان رباطها ،،
قد عظمت في السنة الغراء ..
ولأنت أعلم ما يحل بأرضها ،،
وبأهلها من فتنةٍ وبلاااااءِ ..
فالطف إلهي بالبلاد وأهلها ،،
فلقد تضيق الأرض بالأرجاءِ ..
نِعمَ الرباط رباطكم فلتصبروا ،،
إن الشدائد منحة الإعطاااااءِ ..