آخر تحديث :السبت-09 أغسطس 2025-07:22م
إقتصاد وتكنلوجيا

آبل تدخل عالم الروبوتات.. فهل ستقود ثورة التفاعل بين البشر والآلة؟

السبت - 09 أغسطس 2025 - 12:26 م بتوقيت عدن
آبل تدخل عالم الروبوتات.. فهل ستقود ثورة التفاعل بين البشر والآلة؟
(عدن الغد): متابعات خاصة


في عالم مليء بالإبداع والابتكار، تنتشر الأفكار الطموحة التي قد تغير حياتنا. لكن ليست كل فكرة تستحق أن يتمّ تنفيذها. ففي بعض الأحيان، تُهمل الأفكار قبل أن يكتمل نضجها، سواء بسبب صعوبة التنفيذ أو نقص التمويل أو حتى التوقيت غير الملائم.


هذه هي القصة التي تكرر نفسها في العديد من المجالات التقنية، وخاصة في وادي السيليكون حيث تُترك مشاريع مبتكرة قبل أن ترى النور. فقد عايشنا العديد من الأفكار التي كان يُعتقد أنها ستُحدث ثورة، لكن في النهاية، اختفت قبل أن تحقق أي نتائج ملموسة.


آبل، التي لطالما كانت في طليعة الشركات التي تقدم تقنيات مبتكرة، ليست بعيدة عن هذا السياق. وكشأن الشركات الأخرى، واجهت تحديات عديدة في تحويل أفكارها إلى منتجات ملموسة. لكن، ما يميزها هو نهجها الحذِر والمبنيّ على التجربة والتعلم، فربما تكون الآن على مشارف اختبار فكرة جديدة تماما قد تغير قواعد اللعبة.


ورغم أن تاريخ آبل مليء بالأفكار التي قد تكون أُهملت أو تأجلت، مثل مشروع السيارة الذاتية القيادة، فإن التوجه الحالي الذي تتبناه الشركة في مجال الروبوتات يبدو مختلفا. فلأول مرة، يبدو أن آبل مستعدة للتعامل مع هذا المجال بشفافية أكبر، مع الاستفادة من تجربتها السابقة في معالجة التحديات التقنية، وهو ما قد يُمهّد الطريق لمنتجات غير تقليدية في المستقبل.


التفاعل بين البشر والروبوتات.. أفكار آبل الجديدة

تستكشف شركة آبل حاليا أشكالا متعدّدة من الروبوتات، سواء كانت بشرية أو غير بشرية، وفقا لما ذكره المحلل الشهير لدى الشركة، مينغ تشي كو في تغريدة نشرها الشهر الماضي على منصة "إكس" (تويتر سابقا).


وتأتي هذه المعلومات في أعقاب نشر ورقة بحثية من الشركة تعرض التفاعلات البشرية مع الروبوتات "غير البشرية"، والتي يتضمن أحد أمثلتها مصباحا على طراز بيكسار (Pixar-style lamp).


ورغم أن الورقة البحثية تبرز عناصر قد تسهم في تطوير روبوتات استهلاكية مستقبلية، فإنها في المقام الأول تركز على التقدم الذي حققته شركة آبل في مجال لا يزال في مراحله الأولى، ويُعتبر معقدا في طبيعته.


وبحسب كو، يمكن اعتبار هذا العمل دليلا مبكرا على الفكرة، مشدّدا على أن مشروع سيارة آبل تم التخلي عنه في مرحلة مشابهة. وعند الإشارة إلى التقدم الحالي ودورات التطوير النموذجية، يتوقع كو أن يكون عام 2028 هو الجدول الزمني المتفائل للإنتاج الضخم لهذه الروبوتات.


الشفافية غير المألوفة.. آبل تتخذ خطوات جريئة في مجال الروبوتات

ما يميز مشروع الروبوتات التي تعمل عليها شركة آبل مقارنة بمشاريعها الأخرى في مراحلها المبكرة، مثل هاتف آيفون القابل للطي الذي تم الإبلاغ عنه، هو مستوى الشفافية الذي تقدمه، وهو أمر نادر بالنسبة لشركة آبل التي تشتهر بسرّيتها الشديدة.


والجدير بالذكر أن هذه هي نفس الشركة التي طالبت مؤخرا، في إطار تسوية قانونية، باعتذار علني من مهندس سابق في نظام "آي أو إس" (iOS) بسبب تسريبه تفاصيل حول جهاز "فيجن برو" (Vision Pro).


من الواضح أن التقدم في مجال الروبوتات يعتمد على العمل المشترك بين الجامعات والمراكز البحثية، بالإضافة إلى المشاريع السرية التي تقوم بها الشركات.


فعلى مدار السنوات الأخيرة، واجهت العديد من شركات الروبوتات تحديات كبيرة في توظيف مهندسين بسرعة كافية لدعم جداول الإصدارات التي تسارعت في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي هذا السياق، يعتبر نشر الأبحاث للجمهور من أهم الموارد في جذب المهندسين.


وبالنظر إلى ذلك، يشير كو إلى أن مصطلح "غير البشري" في الأبحاث الروبوتية يُستخدم لتمييز الروبوتات عن الدراسات المتعلقة بالروبوتات البشرية.


ويكتب قائلا: "بينما يناقش القطاع مزايا التصاميم البشرية مقابل غير البشرية، تشير تقارير سلسلة التوريد إلى أن آبل تركز أكثر على كيفية بناء المستخدمين لإدراكهم للروبوتات بدلا من التركيز على مظهرها الفيزيائي، وهذا يعني أن الأجهزة والبرمجيات الحسية تعتبر التقنيات الأساسية".


بشكل عام، يمكن استخدام مصطلح "تشبيه الإنسان"/ هل المقصود: شبيه الإنسان؟ لأنه أفضل هنا من تشبيه للإشارة إلى أنظمة الروبوتات التي تتأثر بالخصائص البشرية، حتى وإن لم تكن روبوتات إنسانية بالمفهوم التقليدي الذي يشمل الإنسان الآلي المجهز باليدين والرجلين والوجه. يبدو أن آبل حاليا في مرحلة تجريبية تتراوح بين الأنظمة البسيطة والإنسان الآلي المعقد.


من جانبه، يشير كو إلى أن آبل تعمل على تطوير نظام إثبات المفهوم كجزء من "نظام المنزل الذكي المستقبلي". وقد يشمل هذا كل الروبوتات من إنسان آلي مخصص لأعمال المنزل إلى شاشة ذكية مزودة بذراع ميكانيكية.


وقد تشير التسريبات حول هذا المشروع إلى الخيار الثاني، الذي يعدّ أكثر واقعية بكثير من البدء مباشرة مع إنسان آلي قادر على طيّ الملابس.


وعلى الرغم من أن هذا المنتج قد يظهر في خارطة الطريق البعيدة، فإن آبل بحاجة أولا إلى إثبات أن الناس يريدون روبوتا منزليا لا يقتصر على كونه مكنسة كهربائية فحسب.


التحديات والفرص في مجال الروبوتات المنزلية.. المنافسة وأسعار الإنتاج

في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات الأخرى لتطوير الروبوتات المنزلية، يبقى التساؤل حول كيفية تعامل آبل مع هذه التحديات، خصوصا في ظل تجربتها السابقة مع مشاريع مشابهة.


والجدير بالذكر، أن آبل ليست الأولى التي تخوض غمار الروبوتات، فقد تقدمت شركة "أوبن أي آي" بطلب لتسجيل علامة تجارية تشمل مصطلح "روبوت"، ما يشير إلى خططها المحتملة في هذا المجال.


كما أن شركة "تسلا" التابعة لإيلون ماسك أجرت تجارب على الروبوتات، إذ عرضت الشركة روبوتاتها البشرية "أوبتيموس" (Optimus) إلى جانب "سايبر كاب" (Cybercab). ومع هذه المنافسة الشديدة، تبقى الأسئلة حول كيفية تميّز آبل عن غيرها في هذا السباق.


تسعى عدة شركات تعمل في مجال تطوير الإنسانيات الصناعية، مثل "إكس 1″ (1X) و"فيغور" (Figure)، و"أبترونيك" (Apptronic)، إلى إيجاد حلول من المصانع وصولا إلى المنازل.


ويعدّ التسعير والموثوقية من أبرز القضايا التي تثير القلق. وإذا كنت تعتبر سعر جهاز "فيجن برو" (Vision Pro) البالغ 3499 دولارا مرتفعا، فانتظر حتى ترى أسعار الدفعة الأولى من الإنسان الآلي المنزلي.


في الوقت الحالي، تكمن الأولوية في تحقيق إنتاج موثوق للإنسانيات الصناعية على نطاق واسع، وهذا سيسهم في خفض الأسعار تدريجيا مع مرور الوقت.


نهج آبل الحذر والمستقبل المتوقع

بعد التخلي عن مشروع سيارتها، والتعثر في البداية مع كل من "فيجن برو" و"آبل إنتلجنس"، يمكن القول بأمان إن آبل تتبنى نهجا حذرا تجاه الروبوتات.


ورغم أن الشركة تتمتّع بسجل قوي في تحسين فئات المنتجات القائمة، فإن وادي السيليكون مليء بجثث الروبوتات المنزلية الفاشلة. كما يمكن قول الشيء نفسه عن فئة المنزل الذكي.


ومع ذلك، ما يمكن تأكيده هو أن آبل تستكشف الروبوتات بنشاط. وبخلاف ذلك، من المرجح أن نشهد 3 سنوات أخرى على الأقل من التسريبات والتكهنات.


بالنهاية، المستقبل يحمل إمكانيات واسعة، وقد تصبح الروبوتات جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، بدءا من مساعدات منزلية إلى أجهزة رعاية صحية، ما يفتح المجال أمام تحولات جذرية في كيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا.


لكن، ماذا عن التأثير على حياتنا الاجتماعية؟ هل سيعتمد البشر بشكل أكبر على الروبوتات لأداء مهام حياتية بسيطة ومعقدة؟ وهل ستُواجهنا تحديات أخلاقية حول الخصوصية أو الاعتماد المفرط على الآلات؟


على الرغم من أننا قد نحتاج إلى 3 سنوات من التسريبات، فإن الاتجاه العام في سوق الروبوتات يظهر بوضوح أن المستقبل يحمل العديد من الفرص الكبيرة.


ونجاح آبل أو فشلها في هذا المجال سيحدد بشكل كبير شكل السوق التكنولوجي في العقد المقبل، وتبقى جميع الأنظار متوجهة نحو هذه التجربة المثيرة.