آخر تحديث :السبت-12 يوليو 2025-11:46م
حوارات

المهندس أحمد بن جيود: العمل الخيري في حضرموت انتقل من الجهود الفردية إلى المؤسسية.. ومشاريع التمكين هي مستقبلنا

السبت - 12 يوليو 2025 - 08:56 م بتوقيت عدن
المهندس أحمد بن جيود: العمل الخيري في حضرموت انتقل من الجهود الفردية إلى المؤسسية.. ومشاريع التمكين هي مستقبلنا
عدن الغد- خاص

من شبام التاريخية، تلك المدينة التي أنجبت روادًا في العمل المجتمعي والإنساني، نلتقي اليوم مع شخصية متميزة كانت شاهدة على التحولات العميقة التي شهدها القطاع الخيري في وادي حضرموت، بل وكان لها دور مباشر في صناعتها.

ضيفنا في هذا الحوار هو المهندس أحمد سعيد بن جيود، أحد أوائل المنخرطين في العمل الإنساني منذ مطلع الألفية، الذي انتقل من توزيع الأضاحي والتمور إلى إدارة ملفات تمكين الشباب والنساء بمشاريع استدامة.

في هذا اللقاء، الذي يأتي ضمن سلسلة حوارات YDN بوادي حضرموت، نتعرف على ملامح التجربة، من البدايات المتواضعة إلى التحديات الكبيرة والطموحات القادمة، في مرحلة يرى أنها ستكون حاسمة في مستقبل العمل الإنساني بالمنطقة.

كيف كانت بدايتكم في العمل الإنساني؟ وما الذي دفعكم للانخراط فيه؟

•بدأت رحلتي مع العمل الإنساني عام 2000م، حين كنت رئيسًا للجنة التكافل في مديرية شبام، إحدى اللجان التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، والتي أصبحت اليوم تُعرف بجمعية الوصول الإنساني. كان دافعي الأول هو ابتغاء الأجر وخدمة المجتمع المحلي. أولى المبادرات كانت مشروع توزيع الأضاحي في العام 1422هـ.

ما هي أولى المبادرات أو المشاريع التي شاركتم فيها؟

•بدأنا بالمشاريع الموسمية: توزيع الأضاحي، الحقيبة المدرسية، كسوة العيد، وتوزيع التمور، إضافة إلى كفالة الأيتام وتقديم العلاجات. كما كان لنا دور بارز في إغاثة المتضررين من سيول 2008م، والنازحين من عدن عام 2015م، والمشاركة في مهرجانات العفاف بالتعاون مع جمعية الإصلاح.

كيف كان تفاعل المجتمع المحلي مع العمل الخيري آنذاك؟

•مدينة شبام سبّاقة في العمل الخيري؛ فقد خصص أهلها أوقافًا لأغراض إنسانية منذ زمن طويل، وكان التفاعل إيجابيًا من قبل الأهالي، سواءً من الداعمين أو من المستفيدين، الذين يثنون دائمًا على ما تقوم به اللجنة من جهود.

ما أبرز التحولات التي شهدها العمل الخيري في وادي حضرموت؟

•في الستينات كان العمل الخيري فرديًا، يقوده أشخاص أو المجلس البلدي، خصوصًا في الجانب الصحي. لكن بعد الوحدة اليمنية وتأسيس الجمعيات والمؤسسات، أصبح لدينا عمل مؤسسي منظم، بنظام إداري ومحاسبي وسجلات وبنوك، وهذا نقلة نوعية كبيرة.

ما هي المواقف التي لا تزال عالقة في ذاكرتكم؟

•إغاثة متضرري سيول 2008م كانت لحظة فارقة، وكذلك الوقوف إلى جانب نازحي 2015م من عدن بتقديم السلل الغذائية. تلك اللحظات حفرت أثرًا عميقًا في داخلي وشكلت وعيًا جديدًا بأهمية العمل الجماعي المنظم.

من هم أبرز المؤسسين والداعمين لهذا المسار الإنساني في حضرموت؟

•هناك أسماء لا يمكن أن تُنسى مثل: المرحوم الشيخ محفوظ سالم شماخ، ومحمد محفوظ بلفقيه، والشيخ صلاح باتيس، ورشيد باكثير، ومحسن مولى الدويلة، وعبدالله باجهام، وعبدالرحمن السقاف، وغيرهم ممن وضعوا الأساس الأول للعمل الخيري المؤسسي.

ما أبرز التحديات التي تواجهونها اليوم؟

•التحديات تتزايد، وأبرزها: تزايد عدد المحتاجين نتيجة الأزمة، وشح التمويل بسبب التضييق على الجهات المانحة من الخارج، ما يجعلنا بحاجة لحلول مستدامة.

كيف يمكن تجاوز الاعتماد على المساعدات الطارئة؟

•بالتركيز على مشاريع التمكين مثل “مهنتي بيدي”، التي تؤهل المستفيدين وتمنحهم أدوات ليبدؤوا مشاريعهم الصغيرة. هذه المشاريع تُحدث فرقًا حقيقيًا، وتحتاج إلى دعم ثابت من المانحين.

ما تقييمكم لأداء منظمات المجتمع المدني في حضرموت؟

•الأداء جيد وفعّال، لكننا بحاجة إلى تنسيق أكبر بين المنظمات وتوزيع الأدوار بحسب التخصصات. من المهم ألا تتزاحم الجمعيات في نفس المجال، وأن يكمل بعضها البعض.

هل تمتلك هذه المنظمات الكفاءات الكافية؟

•نعم، كثير منها يضم كوادر ذات خبرة طويلة. وأدعو إلى دمج الملتقيات الشبابية ضمن منظومة العمل الخيري، مع تقديم الدعم والتأهيل لكوادرها.

ما رؤيتكم للمرحلة المقبلة؟

•نحن على أعتاب مرحلة جديدة، ومع أي انفراج في الوضع، ستعود الجهات المانحة بقوة. على المنظمات أن تكون جاهزة بخطط واضحة ومشاريع استدامة طموحة تخدم المجتمع وتواكب المرحلة.

في ختام الحوار، يتضح أن العمل الإنساني في حضرموت لم يكن مجرد فعل طارئ، بل تجربة تراكمية ناضجة، قادها أشخاص مثل المهندس أحمد بن جيود، الذين مزجوا بين الإخلاص، والتخطيط، والرؤية البعيدة.