قال السياسي موسى الربيدي في تصريح صحفي لـ”عدن الغد”، إن اجتياح الجنوب في يوليو 1994 لم يكن مجرد حدث عسكري عابر، بل لحظة مفصلية أعادت تشكيل تاريخ اليمن الحديث، مؤكدًا أن ما حدث كان نتيجة منطقية لمعادلات سياسية غير متوازنة منذ إعلان الوحدة.
وأشار الربيدي إلى أن جزءًا كبيرًا من النخبة السياسية في الشمال آنذاك كان ينظر إلى الوحدة كأداة لاستيعاب الجنوب في مشروع مركزي، بينما دخلها الجنوبيون بدافع البحث عن الخلاص من نظام أحادي فشل في إدارة الدولة وتقديم نموذج تنموي ناجح.
وأضاف: “الجنوب ما قبل الوحدة لم يكن النموذج المثالي الذي يُروَّج له اليوم، فقد كان واقعًا سلطويًا قمعيًا تسيّدت فيه أجهزة الأمن، وغابت فيه الحريات، وتفشت فيه الملاحقات السياسية والاقتصادية، ما دفع آلاف الجنوبيين إلى النزوح نحو الشمال هربًا من البطش والفقر والخوف”.
وأوضح الربيدي أن من المثير للاستغراب أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح أبقى على علي سالم البيض نائبًا له، رغم علمه بمساعيه لطلب دعم خارجي لطموحات شخصية، مؤكدًا أن ذلك يكشف عن هشاشة الثقة داخل بنية الدولة الموحدة، ويضع علامات استفهام على حسابات السلطة آنذاك.
وانتقد الربيدي الخطاب الإعلامي الذي يسعى اليوم إلى ترويج صورة مثالية للجنوب السابق، مؤكدًا أن ذلك تضليل لجيل لم يعش تلك التجربة. وقال: “ما نراه اليوم من تزييف للتاريخ وتحويل القمع إلى بطولة ليس إلا محاولة يائسة لتجميل الماضي على حساب الحقيقة”.
وتابع: “منذ العام 2015، لم ينجح الجنوب في استعادة توازنه، بل شهد تدهورًا في الخدمات، وفوضى أمنية، وقيادات تفتقر لأي مشروع واضح لبناء الدولة، لكنها تمارس جميع أدوات السلطة من اعتقالات وفرض إتاوات وحتى عقد شراكات مع أطراف كانت شريكًا في اجتياح 1994”.
واختتم السياسي موسى الربيدي تصريحه بالقول: “التناقض بين الشعارات التي ترفعها بعض القيادات وبين ممارساتها على الأرض يعكس أزمة عميقة في البنية السياسية الجنوبية، وهي أزمة لا تختلف كثيرًا عن ما تمارسه جماعة الحوثي من قمع وتهميش، ولولا بعض التوازنات والخوف من التحالف، لتحولت عدن إلى سجن مفتوح يشبه أسوأ ما كان في الماضي”