آخر تحديث :الجمعة-20 يونيو 2025-02:31م
مجتمع مدني

لأول مرة: جائزة "العر" تُمنح لطالبتين من ذوي الهمم نعمة وعطاء.. نموذج للإصرار والتفوّق

الجمعة - 20 يونيو 2025 - 11:59 ص بتوقيت عدن
لأول مرة: جائزة "العر" تُمنح لطالبتين من ذوي الهمم
نعمة وعطاء.. نموذج للإصرار والتفوّق
(عدن الغد) خاص:

د.علي صالح الخلاقي


أحسنت لجنة جائزة "العر للإبداع وخدمة المجتمع" حين خصّت هذا العام بالتكريم طالبتين جامعيتين متميزتين من ذوي الهمم، هما الشقيقتان: عطاء صالح محمد عطاف، ونعمة صالح محمد عطاف، اللتان استطاعتا التغلب على إعاقتهما الخُلقية، وشقّتا طريقهما بثقة في دروب العلم، محققتين نجاحات متواصلة منذ المرحلة الابتدائية وحتى التحاقهما بالجامعة؛ وهو أمر نادر في المجتمعات الريفية، حيث غالباً ما يُترك أصحاب الهمم على هامش الحياة.

إنه تكريم مستحق لعطاء ونعمة، وهما اسمان على مسمّاهما: نعمة من الله، وعطاء متجدد بالعزم والإرادة. ولا يمكن الحديث عن إنجازهما دون الإشادة بوالدهما، الطبيب الإنسان صالح محمد عطاف، الذي وفر لهما كل سبل الدعم والرعاية، غير آبه بالتكاليف، بل مؤازرًا ومشجعًا في كل خطوة.

وقد كانت لحظة تكريمهما في مهرجان "الموسطة التراثي" مؤثرة بكل المقاييس، حيث تجلت فيها مشاعر الفرح والفخر، وتألقت فيها البسمة على وجه والدهما الذي كان أكثر الناس سعادة، وهو يرافقهما عند استلام الجائزة، وسط تصفيق الحضور الذي عبّر عن إعجابهم وتأثرهم الكبير.

هذا التكريم لا يُعد تتويجًا لجهودهما الشخصية فحسب، بل هو قبل كل شيء، تكريم للأب المثالي، الذي لم يعرف لليأس طريقًا، وفتح أمام ابنتيه أبواب العلم والأمل.


من هما عطاء ونعمة؟


عطاء: من مواليد 27 مايو 1998م

نعمة: من مواليد 19 أكتوبر 2000م

تنحدر الطالبتان من قرية قريظة، مديرية الحد – يافع، محافظة لحج، وتنتميان لأسرة مكافحة، واجهت تحديات الإعاقة الخُلقية المتمثلة في القزامة وقصر الأطراف وتشوهات في الأصابع، مع سلامة العقل والسمع والبصر والنطق.

ورغم الظروف البيئية والجسدية الصعبة، وفّرت الأسرة بيئة طبيعية محفّزة، شجعت الطفلتين على الاندماج مع أقرانهما، والعيش دون عزلة. وتمثل التحاقهما بالمدرسة تحديًا كبيرًا للأسرة، نظرًا لصعوبة التضاريس ومتطلبات الحركة والتفاعل. لكن الأسرة، بقيادة والدهم، تجاوزت كل هذه العقبات، إذ تكفل الجميع بإيصالهما يوميًا للمدرسة.

واصلتا التعليم في مدرسة "رابعة العدوية" بقريتهما، ومع مرور الوقت أصبحتا قادرتين على الذهاب مشيًا رغم التحديات. وتغلّبتا على مشاعر الإحباط والخجل، بإصرار فاق كل التوقعات، حتى نالتا شهادة الثانوية العامة.

وبعد ثلاث سنوات، قررت الأسرة دعم طموحهما الجامعي، فالتحقتا عام 2024/2025م بـ كلية يافع الجامعية – قسم الحاسوب، القسم الأنسب لوضعهما، حيث توفر الكلية بيئة تعليمية مرنة، وطواقم أكاديمية وإدارية متعاونة، وزملاء يكنّ لهن الاحترام والدعم.


طموح لا يعرف حدودًا:


إلى جانب دراستهما، أبدعتا في المهارات المنزلية، من طبخ وتنظيم شؤون المنزل، بكل كفاءة، ما يعكس قوة الإرادة، وروح الاعتماد على الذات، بدعم ومساندة من الأسرة.

واليوم، تتطلع عطاء ونعمة إلى إتمام دراستهما الجامعية، واكتساب مهارات عملية تعزز استقلاليتهما، والمساهمة بخدمة مجتمعهما، من خلال العمل في المستوصف الطبي الأسري، عرفانًا وردًّا للجميل.

وقد قالتا في كلمة لهما:

"لم تكن الإعاقة يومًا عائقًا أمام طموحنا، فالعقل والفكر هما أساس القوة. وها نحن نواصل تعليمنا الجامعي بإصرار، ونحلم بنيل الشهادة والمشاركة في خدمة مجتمعنا."


ختامًا..


كل الشكر والتقدير لرعاة جائزة العر، آل بن شيهون، على هذا الاختيار النبيل والمنصف، الذي يحمل رسالة سامية لذوي الهمم، تقول في فحواها:

"إن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل يمكن تجاوزها بالإيمان، والعزيمة، والدعم الصادق."

كما نخص بالشكر الأب المثالي الدكتور صالح عطاف، على دعمه اللامحدود ومساندته الثابتة، ونشكر أيضًا عميد كلية يافع الجامعية الدكتور عبدالرب صالح علي، وكل الطاقم الأكاديمي والإداري، لما قدموه من رعاية وتشجيع للطالبتين.