واجه الصحافي محمد المياحي المختطف لدى ميلشيات الحوثي في صنعاء، محكمة تديرها الجماعة بنفي التهم الموجهة له، بعد ثمانية أشهر من مواصلة إخفاءه قسراً بعد اختطافه من منزله بطريقة وحشية فجراً بسبب كتابة منشور على فيسبوك.
وعقدت الاثنين محكمة حوثية في صنعاء، جلسة محاكمة الصحافي محمد المياحي، التي يعتبرها قانونيون بإنها مهزلة يقوم بها الحوثيين لمحاولة إضفاء طابع رسمي على عمليات الاختطاف والتعذيب والانتهاكات التي تمارسها ضد الصحافيين أي خصوم لها.
وعمدت ميلشيات الحوثي على احضار الصحافي المياحي "مكبلا بالقيود" إلى المحكمة الحوثية، وقال المحامي عمار الأهدل عن جلسة المحاكمة الصحفي أن المياحي كان "واقفا بشموخ خلف القضبان".
وهذه ثاني جلسة يعقدها الحوثيين لمحاكمة الصحافي المياحي، وأول جلسة يحضر فيها لمواجهة الاتهامات الحوثية منذ اختطافه وإخفاؤه قسراً في 20 سبتمبر/ أيلول 2024، من منزله في صنعاء في ساعات الفجر الأولى بطريقة مرعبة من مسلحي الميلشيات.
المياحي يواجه الحوثيين
وفي جلسة المحكمة الحوثية تم عرض قرار الاتهام والأدلة التي كتبها الحوثيين خلال أشهر من الإخفاء القسري. ورد المياحي برفض وإنكار كافة الاتهامات وقال "انا كاتب واديب ومؤلف وقد تم تحريف كلامي وكأنكم تتحدثون عن شخص اخر لا علاقة لي به"، وفق ما نقل محامي الدفاع عمار الأهدل.
ثم تحدث "المياحي" عن ظروف استجوابه في سجن الحوثيين. والتي كشفت تقارير حوثية سابقة عن انتهاكات واسعة يمارسها الحوثيين ضد المختطفين والتي سبق أن أسفر التعذيب الممنهج عن وفاة عشرات المختطفين، آخرهم أحمد باعلوي الموظف في برنامج الأغذية العالمي الذي اعلن وفاته في فبراير الماضي بسجون الحوثيين في صعدة شمال اليمن.
الصحافي محمد المياحي مواجها تهم محكمة الحوثيين: أنا كاتب واديب ومؤلف وقد تم تحريف كلامي وكأنكم تتحدثون عن شخص اخر لا علاقة لي به.
وقال المحامي الأهدل -في منشور على "فيسبوك"- "اثناء المحاكمة كان ممثل النيابة العامة (الحوثية) بارعا في الإثارة بما يعكس مستوى وعيها وتحاملها عندما اعدت مذكرتها القانونية".
وزعمت اتهامات نيابة الحوثيين في صنعاء وفق الأهدل "بأن منشورات الصحفي المياحي قد تسببت في مشاكل الدولة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية والامنية والقانونية وحتى مشكلاتها الدولية امام المحافل الدولية".
وأضاف المحامي ساخراً من اتهامات نيابة الحوثيين بالقول "لم تنس سوى مشكلة ثقب الأوزون"، وأبدى المحامي تحفظه عن سرد التفاصيل بالقول "هناك تفاصيل كثيرة مهمة لن نتحدث عنها لمصلحة المحاكمة".
وأردف المحامي عمار الأهدل بالقول "لكننا نأمل أن يكون القاضي قد توصل بعد جلسة اليوم لقناعة ببراءة موكلنا الصحفي محمد المياحي كون الحديث الذي دار بينهما كان حميما". على حد تعبيره.
مهزلة محكمة الميلشيات
وبعد اختطاف "المياحي" تعرّض للإخفاء القسري من قبل ميلشيات الحوثي ولم تعرف أسرته مصيرة ولم تعلن أي جهات تابعة للجماعة الإرهابية تبنيها بشكل رسمي اختطافه، قبل أن يتم الكشف من مصادر غير رسمية عن مكان احتجازه في سجن الأمن والمخابرات التابع للحوثيين.
وأحيلت قضيته إلى النيابة الجزائية الحوثية في 13 يناير/ كانون الثاني الما ضي، وفي 12 من مايو/ آيار الجاري، عقدت المحكمة الجزائية الحوثية، أولى جلساتها لمحاكمة الصحافي المياحي من دون حضوره، الاثنين كانت أول جلسة يحضرها وتعمدت الميلشيات اهانته.
وتحاول ميلشيات الحوثي من خلال المحاكمة خلق دعاية أنها تمارس إجراءات قانونية، في الوقت الذي تمارس عمليات الاختطاف مثل أي عصابة منفلته كما حدث من خلال اقتحام منزل الصحافي المياحي في ساعات الفجر بقوة مدججة بالسلاح وإخفاؤه قسراً وممارسة الانتهاكات الممنهجة ضده في السجون السرية للجماعة.
ورغم عمله الصحافي المعلن للجميع وكتاباته الناقدة سواء بصفحته على فيسبوك، والتي كانت سببا في اختطافه ترفض محكمة الحوثيين اعتباره صحافي ويتم محاكمته في محكمة مختصة بأمن الدولة الحوثية، ومبررهم بأن من ينشر مقالات المياحي المناهضون للحوثيين وفق تصريح صحافي للمحامي الأهدل.
وسبق أن أجرت ميلشيات الحوثي في صنعاء محاكمات بحق صحافيين آخرين في صنعاء وقضت بإعدامهم لكن صفقة تبادل مع الحكومة الشرعية أخرجتهم بعد سنوات من اختطافهم، وفي العادة تطلق تهم بالخيانة لكل من يقف ضد الجماعة.
إجراءات إنتقامية ضد المياحي
وكانت نقابة الصحفيين اليمنيين أعلنت في 11 مايو/ آيار الجاري، رفضها القاطع محاكمة الصحفي محمد المياحي أمام المحكمة الجزائية التابعة للحوثيين. وقالت في بيان "هذه المحاكمة انتهاكًا لحق الرأي والتعبير، وتفتقر إلى مقومات العدالة الأساسية، حيث تؤدي إلى تجريد الصحفيين من حقهم في الدفاع العادل".
وقالت النقابة "أن هذه المحكمة أسفرت في محاكمات سابقة عن صدور أحكام قاسية بحق الصحفيين، بما في ذلك أحكام بالإعدام، دون تمكين محاميهم من ممارسة حق الدفاع". ودعت كافة المنظمات إلى التضامن مع الزميل المياحي والضغط من أجل إطلاق سراحه.
وأكد البيان أن استمرار احتجاز المياحي "خلافاً للقانون، ومن دون محاكمة، يمثل نوعاً من العقاب بحق صحفي أعزل، ورسالة عداء واضحة لكل الصحفيين"، مجدداً التأكيد على "رفض كل الإجراءات التعسفية بحق صحفي بسبب آرائه".
وعقب اختطاف الصحافي محمد المياحي، وصفت نقابة الصحفيين اليمنيين، ما تعرض بأنها "إجراءات انتقامية من قبل جماعة الحوثي في ظل ظروف اعتقال غامضة ومقلقة"، وحذرت من مغبة التعامل القمعي مع الصحفيين والزج بهم في غياهيب السجون.
وكان المياحي تعرض لإجراء إنتقامية من ميلشيات الحوثي أثناء اختطافه، فجر الجمعة حيث اقتحم ستة أفراد مدججين بالأسلحة منزله ترافقهم امرأة مجندة حوثية، وصادروا جهاز الحاسوب وهاتفه وهاتف زوجته، وفي اليوم التالي عاود الحوثيين تفتيش منزله.
بعد يومين اختطف الحوثيين شقيقة "عماد" من منزله في محافظة إب، وتعرض لمعاملة وحشية وأجبر على دفع أموال مقابل خروجه، لم تتوقف انتهاكات الحوثيين على عائلته، بل شملت أبناء قريته المتضامنين معه حيث تعرض بعضهم للاختطاف أو الابتزاز ماليا من قبل ميلشيات الحوثي.