على مدى ثلاثة عقود وشعب الجنوب يناضل ويكافح لطرد الاحتلال البربري الغاشم والهمجي لأرض الجنوب في حرب صيف 1994م، ومارست قوى الاحتلال من بعد ذلك الاجتياح اعتى صنوف الظلم والقمع والتنكيل والتهميش والاقصاء ضد أبناء الجنوب ، ونهب خيراتهم ، ودمر مؤسسات دولتهم بمختلف المجالات ،سياسياً ، وعسكريًا، وأمنينًا ،وثقافيًا، ودينيًا، واجتماعيًا، وفرضت الوحدة بالقوة والجبروت المستبد.
ولتلك الاسباب انتفض الشعب الجنوبي ونهج الطرق السلمية تحت شعار المطالبة باستعادة دولته وفك الارتباط لكن واجهته الآلة الحربية والعربات والمجنزرات من قبل قوات الأمن المركزي وخرج أبناء الجنوب بصدور عارية، وعزيمة وإصرار لاستعادة حقوقه وارضة المغتصبةغير خانعين للذل عبر محططات تاريخية عده .
من حق شعب الجنوب العربي استعادة دولته كاملة السيادة وهذه مسألة وجودية لا يمكن فصلها عن مسار العدالة السياسية والاستقرار الإقليمي.
هذا الحق لا ينشأ من فراغ أو من ظرف عابر، بل يستند إلى واقع تاريخي وقانوني وسياسي راسخ، يتمثل في وجود دولة جنوبية معترف بها دولياً قبل عام 1990م، بحدود واضحة ومؤسسات وسيادة كاملة، كانت عضواً فاعلاً في المجتمع الدولي.
فالتجربة التي أعقبت وحدة عام 1990م أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن تلك الوحدة لم تُبنَ على شراكة متكافئة أو على أسس سياسية واقتصادية عادلة، بل تحولت إلى أداة للهيمنة والإقصاء وتفكيك مؤسسات الدولة الجنوبية، ومصادرة القرار السياسي، وتهميش الإنسان والأرض معًا. وقد أدى ذلك إلى أزمات متراكمة وصراعات مفتوحة لا تزال تداعياتها تهدد السلم الاجتماعي والأمن الإقليمي حتى اليوم.
تجاهل حق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته لا يفضي إلى حلول، بل يعيد إنتاج الأزمة بأشكال أكثر تعقيدًا. فكل محاولات الالتفاف على هذا الحق، أو تأجيله تحت عناوين مرحلية أو تسويات هشة، أثبتت فشلها لأنها لم تعالج جوهر المشكلة، وإنما اكتفت بإدارة الصراع بدلاً من حله.
ومن هنا، فإن استعادة الدولة الجنوبية ليست خياراً عاطفياً أو شعاراً سياسياً، بل هي الحل الواقعي والمنطقي لأي تسوية شاملة ومستدامة.
كما أن قيام دولة جنوبية مستقلة ذات سيادة يسهم في إعادة التوازن السياسي في المنطقة، ويخلق شريكًا واضح المعالم في مكافحة الإرهاب، وحماية الممرات الدولية، وتعزيز الأمن الإقليمي. فالدول المستقرة ذات الشرعية الشعبية هي وحدها القادرة على الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية، وعلى بناء علاقات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
حق شعب الجنوب العربي في استعادة دولته على حدودها المتعارف عليها دوليًّا قبل عام 1990م هو حق غير قابل للمساومة أو التجزئة أو التأجيل، لأنه مرتبط بالهوية والكرامة والوجود السياسي. وأي مشروع سلام حقيقي لا ينطلق من الاعتراف بهذا الحق سيظل مشروعاً ناقصاً، معرضاً للانهيار في أي لحظة، ومصدراً دائماً لعدم الاستقرار في الداخل والمنطقة على حد سواء