في الوقت الذي تمر فيه اليمن بمرحلة مفصلية من تاريخها، يبرز تساؤل مشروع يفرض نفسه بقوة: من هو الخطر الحقيقي على السلم الاجتماعي ووحدة النسيج اليمني؟
فبينما تتصاعد حملات التهديد والوعيد ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي قوات شريكة في التحالف العربي، يُترك الحوثي، صاحب المشروع الطائفي والسلاح المنفلت، دون مواجهة حقيقية تتناسب مع حجم الخطر الذي يمثله.
إن هذا التناقض في التعامل مع مصادر التهديد يثير الكثير من علامات الاستفهام. فالحوثي لا يمثل مجرد طرف سياسي مختلف، بل مشروعًا عقائديًا مسلحًا يقوم على الإقصاء وفرض الأمر الواقع بالقوة، ويمارس انتهاكات جسيمة بحق المجتمع اليمني، ويقوّض أي فرصة حقيقية للسلام والاستقرار.
وفي المقابل، ورغم ما يُؤخذ على المجلس الانتقالي من نزعة مناطقية أو مشروع انفصالي، فإن هذه الإشكاليات، مهما كانت خطورتها من وجهة نظر المخالفين، يمكن معالجتها بالحوار والوسائل السياسية بعيدًا عن منطق القوة والسلاح. فالصراع بين شركاء الهدف الواحد لا يخدم سوى الطرف الذي يتربص بالجميع.
إن توجيه البوصلة نحو صراعات جانبية وفتح جبهات داخلية لا يؤدي إلا إلى إرباك المشهد وإضعاف الجبهة الوطنية، ومنح الحوثي فرصة ذهبية لتعزيز نفوذه وتوسيع رقعة سيطرته على حساب أمن اليمن واستقراره.
المعركة الحقيقية اليوم ليست بين شركاء يُفترض أنهم يقفون في صف واحد، بل مع مشروع حوثي يهدد اليمن أرضًا وإنسانًا وهوية. ولا يمكن مواجهة هذا المشروع إلا بتوحيد الصف وتغليب منطق العقل وتقديم المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة.
كما أن على المجلس الانتقالي، بوصفه فاعلًا سياسيًا وعسكريًا مؤثرًا، أن يتعامل مع القضايا الوطنية بروح المسؤولية، وأن يبتعد عن القرارات الارتجالية والخطاب الشعبوي الذي لا ينتج سوى مزيد من الانقسام والدمار.
في النهاية، لا خلاص لليمن إلا بالحوار، ولا سبيل للاستقرار إلا بتغليب الحكمة على السلاح؛ فالوطن المنهك لا يحتمل مزيدًا من الدماء، ولا مزيدًا من الصراعات العبثية.
الحوار… ثم الحوار… ثم الحوار، هو الطريق الوحيد نحو وطن آمن ومستقر يتسع لجميع أبنائه.