في صورة مـن صــور تـجـلـيات (الحـكمة الـنـعـمـانـيـة المُـتـوارثـة) ـــ ووراثـــة الـحـكـمـة مـسؤلـية لاتـرف ــ تـحـدث الاسـتـاذ مصطفى نعمان نائـب وزيـر الـخـارجـية اليمني بــوضــوح وعـــلانــية ، الى مـايـجــب الــتـنـبه لـــه ووضعــه في الحــسـبان : (تـحـالـف الـضـرورة بـين الحــوثــيـين وبـعـض الـقـوى المــؤمـنة بالــوحــدة الـيـمـنـيـة كــإحـتـمالـية مُـمـكـنـة ، وفي الـسـياســة كــل شيء وارد كمـا قــال ....)
الــنـعمان في حــديث صــدق مــع الـنـفـس ومـع الـمُـتـلـقي لحــديـثه عــلى مــنبر اعــلامي كـبـير، تـكلم بِـنَـفَـس مـن انـفـاس الحكمة الــنعـمانية التي يبـدو لي انـه ورث شــطـراً مـنـها .. وبدلاً مـن اخــذ تـنبـيـهه الاحتمالي مـأخــذ الجـد والمـسؤلية والـتـنـبه ، راح المُــسـتـجـدين عـلى بحـورالـسـياسة ، الـجـاهـلون باعـماقـهـا يكـيلـون لـه اتـهـامات العـمالة والـتـخـوين ..
ظــهــرالــنـعـمان رائــياً مُـتأنِـّـياً مُستـبصراً في زمـن البروباجندا وضجـيـج الـدعـايات والـمُنازلات الدُّونكـشوتية .. نـــبــه الى احـتـمالية خــطــر كــبير .. قـرع جـرس الإنذار، ومضى بـلـطف مُـعرضـاً عـن الجـاهلـين والـغـافـليتن والـشـاتـمين.. تـمـامـاً كما كان يـفـعــل اســـلافـه مـن رمـوز الحكمة الـنعمانية ، والـده الـنعمان الكبـيررائـد الوطنية الحـديـثـة والـتـنـويـرالاول في يـمن النـصف الأول مـن القـرن الـعـشـرين ، واخــيه نـابـغـة الـسـياسـة والــدبلومـاسيـة وحكـيمها ونجمهـا الأول في الـيمن الراحــل (محـمد احمـد نـعـمان )وزير الخــارجـية اليمني الشهـير ..
حــين تــم اغـتـيال الـنعمان الابن (محمد احمد نعمان )في بـيروت عـلى يـد جــماعــة تـنـتمي الى نـضــال الـشـعـارات اواخـر يونـيو 1974م قــال والــده الحــكيم الاسـتاذ احـمد محمد نعـمان : ابكي عــلى بـيروت مثـلمـا ابكــي عــلى محـمـد .. اشــهـر قـلـيلة مـضـت بــعــد مـقـولة الـنعـمـان فـتـفجـرت في بـيروت حـرب اهــلية طــاحنـة استمرت قــرابة عــشرين ســنة .. وحـين سـقـط الـنـظـام الإمـبراطـوري في أيـران في فبراير 1979م وصـعـد الخمـيني ومـعـه فـكرة تـصـدير الـثـورة ، كــان الحــكيم الـيـماني الاسـتـاذ احـمد نعـمـان اول مـن استـشعـر الخــطــر عـلى الجـزيرة والـخـلـيج ، فصـاغ فـكــرة مــقـتـرح لـتـكوين او تـأسـيس كـيان تـنـسـيـقي او تجمــع اقــليمي لـدول الخـليج والجــزيرة تحـسباً لخــطرتـصـدير الـثورة ، وتـقـدم بمـقـترحـه الى الـقـيادة الـسعودية التي يرتبط معـهـا بـعـلاقـات عمـيـقة ... ومــن مـفارقـات التاريـخ وسـخـريته ومـكره ، إن تـم تـكوين مجـلس الـتعـاون الخـليجي مـن وحي الـفـكرة الـنعـمانية ولــم يــشمــل الـيمن .....
ذاك الحــكيم الـنعـمان الـذي اخــرج جـمال عــبدالـناصر مـن طـوره في نـقـاش طـويـل وهــومـبتسم فقـال نـاصر بعصبية عـبارته الـشـهيرة : (يانعمان لـن تـقـنعني شــعـراً ولا نـثـراً ) .. كان النعمان كـما وصـفـه الـكاتب والاديب الـيافعي الراحــل فــضل الـنـقـيـب : (أُمَّةً لوحده، غير مسبوقٍ وغير ملحوق .. رأ في النُّفوس أكثر ممَّا يستجلي النُّصوص، ويستـقـرئ العواقب فلا تغرّه المُـقـدِّمات، وإن حَسـُنَت الـنوايا، وكان يجهـر بما رأى...) وكــان لــسان حــاله مـرات كـثـيرة يردد مــع دريد ابن الـصـمـة : (نصحتهمُ نُصحي بمُنعرج اللَّوى
فلم يستبـيـنوا النُّصح إلاَّ ضُحى الـغـدِ)
وعــليه : فـــلا اظُـن الاسـتاذ مصطفى الـنعـمان إلا حــامـلاً لجـيـنات الحكمة الـنعـمانية او قـبسـاً مـنـهـا وهـــو يُـحـذر ويُــنبـه قــبل ضــياع الــوقـت وتـبديد الجــهـد مـن خــطر مُـحــتمـل ...