بقلم: حسين البهام
حين تصمت السياسة وتتحدث الملاعب، يتلاشى ضجيج الأيديولوجيات المصطنعة التي تنهك المشاعر، وتصدح الحناجر في الفضاء الرحب لتهب الشعوب فرصة لتنفس الحرية. هناك، في الميدان، تلتقي الأرواح في أجواء تنافسية شريفة، بعيداً عن رواسب العداء التقليدي التي تورثها السياسة؛ نتنافس بشرف من أجل الفوز، ونتصافح بامتنان عند الخسارة، لنغادر الساحات وقد أرسينا دعائم صداقات وعلاقات إنسانية عابرة للحدود.
لم أكن أرغب يوماً في الخوض في تفاصيل الشأن الرياضي، لإيماني بأنه الفضاء النقي الوحيد الذي يجمعنا بعيداً عن صراعات الساسة، لكن "رعونة" بعض المواقف تجبرنا اليوم على كسر حاجز الصمت، لتوضيح حجم المؤامرة التي تُحاك ضد شبابنا، والتي تستهدف وأد المواهب الإبداعية في الجسد الرياضي المثخن بالجراح.
ومن هنا، نوجه رسالة صريحة إلى أولئك المتطفلين على الرياضة، الذين دفع بهم "زمن الغفلة" إلى كراسي القرار في الوزارة: إن الرياضة لا تعترف بالحدود الجغرافية الضيقة، وهي أسمى بكثير من أسوار السياسة التي تحاولون تشييدها لعزلنا عن بعضنا البعض.
لقد وُلدت الرياضة يا رفاقي قبل أن يبتكر الإنسان تلك الأيديولوجيات التي تحاولون فرضها قسراً؛ وظلت ثابتة كالجبال حين سقطت الدول وتغيرت الأنظمة والمبادئ. إنها "المساحة البيضاء" الوحيدة المتبقية في السجل الإنساني، فلا تلوثوا نقاءها بأفعالكم الطائشة، التي لن تقودكم إلا إلى مستنقع الخذلان والتاريخ لا يرحم.
إن الرياضة هي اللغة العالمية الوحيدة التي لا تحتاج لمترجم، لكن يبدو أنكم تفتقرون لأبسط أبجديات فهمها. هي اليوم "قوة ناعمة" قادرة على إذابة الجليد وفتح القنوات التي عجزت الدبلوماسية الرسمية عن طرق أبوابها.
وفي هذا السياق، جاء تصريح الشاب الخلوق الأستاذ مؤمن السقاف ليؤكد حرصه على وحدة الصف الجنوبي من خلال طرحه للقضايا الوطنية ذلك الطرح الذي نال ارتياحاً شعبياً واسعاً بين عشاق "المستطيل الأخضر"؛ وهو ما ينم عن وعي سياسي ناضج وفهم عميق للواقع المعقد الذي نعيشه.
وعلى النقيض تماماً، يبرز المتطفلون الذين يتوهمون القدرة على صناعة أمجاد سياسية على حساب الرياضة؛ هؤلاء الذين سقطوا مع أول خطوة نحو "مربع الارتهان"، لأنهم ببساطة لا يملكون قرار أنفسهم.
ختاماً.. إن الرياضة ليست مجرد ترقيات أو مناصب زائلة، بل هي أداة لبناء الثقة ومد جسور الأمل. وما جمعته "الوحدة الرياضية" بصدقها، لن تستطيع السياسة بمناوراتها أن تفرقه. فلنجعل من الملاعب ساحات للسلام، ولنكسر قيود الجمود بروح الرياضة السامية.
وكلنا أمل أن يظل موقف الأستاذ مؤمن السقاف متمسكاً باللوائح والأنظمة المنظمة للعبة، بعيداً عن المكايدات الضيقة، لأن التاريخ سيحفظ له هذا الموقف كإنجاز أخلاقي قبل أن يكون سياسي