آخر تحديث :الإثنين-29 ديسمبر 2025-06:30ص

حلف قبائل حضرموت بين الثبات على العهد وضغوط المرحلة

الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - الساعة 09:12 ص
عبدالجبار باجبير

بقلم: عبدالجبار باجبير
- ارشيف الكاتب


في لحظات التحوّل الكبرى، لا تُقاس المواقف بحجم الضجيج، بل بميزان الأمانة والوفاء للعهود.

وما يقوم به الشيخ عمرو بن حبريش العليي رئيس حلف قبائل حضرموت اليوم ليس فعلًا طارئًا، ولا اندفاعًا سياسيًا ظرفيًا، بل التزامٌ أخلاقي وقبلي وقانوني بأمانة حُمِّلها منذ العاشر من ديسمبر 2013م، يوم كُلِّف رئيسًا لحلف قبائل حضرموت، استنادًا إلى ميثاق تأسيس الحلف في الرابع من يوليو 2013م، وبقسمٍ مُغلّظ على كتاب الله.


ذلك القسم، الذي أُلزم به الشيخ الفقيد عبدالرحمن باعباد، لم يكن إجراءً شكليًا، بل قاعدة تأسيسية لحلفٍ لم يُبنَ ليكون كيانًا سياسيًا، بل إطارًا قبليًا جامعًا لحماية حضرموت وحقوقها وثرواتها.

ومنذ ذلك التاريخ، لم تتغير أهداف الحلف، ولم تُبدَّل بوصلته، ولم تُسقِط العواصف، ولا المؤامرات، ولا الخيانات تلك الأمانة عن حاملها.


بعد استشهاد المقدم المؤسس سعد بن حمد، في الثاني من ديسمبر، تجدد العهد ولم يسقط، وبقيت المواثيق قائمة، سواء على من حضر التأسيس أو من التحق لاحقًا، فالأمانة لا تسقط بالتقادم، ولا تُعاد صياغتها وفق موازين القوى أو تبدلات المشهد السياسي.


إن محاولة تصوير حلف قبائل حضرموت كفاعل سياسي عابر، أو جرّه إلى مربعات الاصطفاف، تُعدّ قراءة قاصرة لطبيعة الحلف ورسالته. فالحلف ليس حزبًا، ولا أداة سلطة، بل تعبير عن إرادة حضرمية جماعية، حين فشلت الدولة في حماية الحقوق، وحين غابت العدالة في توزيع السلطة والثروة.


واليوم، تقف حضرموت أمام مرحلة مفصلية، عنوانها الانتقال من رفع المطالب إلى فرض تنفيذها.

فالمطالب التي يطرحها الحلف ليست جديدة، ولا وليدة لحظة غضب، بل بنودٌ واضحة تعود إلى أكثر من اثني عشر عامًا، جرى التوافق عليها في بيانات التأسيس وبيان 10 ديسمبر 2013م، وما تلاه من مخرجات واجتماعات وبيانات.

ونحن بصدد إحياء ذكرى انطلاق الهبة في 20 ديسمبر، بعد أيام.


في مقدمة هذه المطالب، يأتي تمكين أبناء حضرموت من إدارة ملفهم الأمني، وتسليم المهام الأمنية لأبنائها العاملين في أجهزة الأمن، واستكمال النقص البشري عبر الاكتتاب من الحضارم، وتزويد تلك الأجهزة بالإمكانات اللازمة، ضمن جدول زمني واضح لا يحتمل التسويف. كما تشمل المطالب إنصاف الحضارم في القوات المسلحة والكليات العسكرية، وتعويضهم عن الإقصاء المتعمد الذي طالهم لسنوات.


ومن بين القضايا الجوهرية، استبدال ما يُسمّى بقوات حماية الشركات بقوات محلية من أبناء حضرموت، وتغيير قياداتها بقيادات حضرمية، ومنع أي تدخل لتلك القوات في الحياة المدنية أو في المطالب المشروعة لأبناء المناطق التي تعمل فيها الشركات النفطية.

واعطاء ابناء حضرموت حق الاولوية في المقاولات والتوظيف والعمالة والتاهيل في الشركات النفطية بناء على القانون والقرارات الوزارية

وغيرها من المطالب التي لا يسعني المجال لسردها.


إن جوهر هذه المطالب يتلخص في مبدأ واحد لا يقبل التأويل: حضرموت لأبنائها، أمنًا وإدارةً وثروة. ومن هنا، فإن الإصرار على أن تكون كل القوات العاملة في حضرموت قوات حضرمية خالصة من أبنائها لا غير، مهما كانت الظروف، وتحت أي مسمى (النخبة الحضرمية، قوات حماية حضرموت، درع الوطن).

هذه المطالب والأهداف ليست دعوة إقصاء، بل تصحيح مسار، وضمانة للاستقرار، وسدًّا لباب الصراعات.


وفي هذا السياق، يبرز مطلب الحكم الذاتي لحضرموت بوصفه حقًا مشروعًا، وإرادة شعب، وحقًا مكتسبًا غير قابل للنقاش أو المساومة.

فهو ليس نزوة سياسية، ولا مشروع تقسيم، بل إطارٌ عادل لإدارة الموارد، وبناء مؤسسات حقيقية، وضمان كرامة الإنسان الحضرمي ضمن أي صيغة وطنية جامعة.


ختامًا، فإن من يطالب الشيخ عمرو بن حبريش بالتراجع، أو تحميله وزر المواجهة، يتجاهل حقيقة أساسية: الرجل لا يتحرك باسمه، بل بصفة الأمانة التي حُمِّلها، وباسم عهدٍ لم ينكسر. وعلى من يريد الخروج من هذا المأزق، أن يعود إلى الأصل: احترام العهود، وتنفيذ المطالب، وترك حضرموت لأبنائها في شتى النواحي (إدارة، ثروة، خدمة، أمنية وعسكرية).


على هذا نتفق… وعلى هذا نختلف.

وعلى الجميع أن يفهم ذلك جيدًا، فالشيخ عمرو بن حبريش العليي ما يقوم به هو بموجب الأمانة التي سُلِّمت له؛ اجتهد، وتعرّض للمخاطر والخيانة، لكن هذه هي الحقيقة، وهذه أمانة ومسؤولية. وعلى كل حضرمي أن يكون سندًا وحاميًا لهذا المشروع الذي يخص كل حضرمي، بكل مشاربهم وتوجهاتهم.


#عبدالجبار_باجبير