آخر تحديث :الجمعة-28 نوفمبر 2025-04:20م

معاناة رجال الأمن

الخميس - 27 نوفمبر 2025 - الساعة 10:56 م
مطلوب العود

بقلم: مطلوب العود
- ارشيف الكاتب


لم يكن أفراد الأمن يوماً يطلبون رفاهية أو معاملة استثنائية، فهؤلاء الجنود الذين يقفون على خطوط الواجب في كل حين، كان أقصى ما يرجونه هو الحصول على مرتباتهم من دون مشقة، تماماً كما كان الحال عندما كانت الرواتب تُصرف عبر البريد بسلاسة وهدوء، غير أنّ هذا المسار البسيط لم يَرُق لبعض المتنفذين، فصدر قرار مفاجئ بتحويل عملية الصرف إلى بنك الإنماء، وهو قرار أثبتت الأيام أنه لم يجلب إلا التعقيد والمشقة والإذلال.


منذ تلك اللحظة بدأت رحلة المعاناة فالجنود الذين لم يتسلموا مرتباتهم منذ خمسة أشهر وجدوا أنفسهم أمام عراقيل جديدة كل يوم:

مرة يُقال لهم إن الحساب موقوف، ومرة إن النظام عطلان، ومرة إن الإنترنت مقطوع، حتى غدت الصرافة ساحة ازدحام خانق، يقف عند أبوابها جنودٌ أرهقهم الانتظار، وكأنهم يترقبون صدقة لا حقًّا مكفولاً لهم.


لم يُعد هذا مجرد خلل فني أو تأخير عابر، بل أصبح نمطاً يومياً يفتك بكرامة أفراد الأمن ويعكس استهتاراً غير مقبول بحق رجال يؤدون واجبهم رغم ضيق العيش وقسوة الظروف


إن تحويل الرواتب إلى بنك واحد بلا استعدادٍ كافٍ ولا ضمانات تشغيلية لم يكن إصلاحاً إدارياً؛ بل فتح باباً للمعاناة والتربح والنفوذ على حساب جهد الجنود وحاجات أسرهم.


أمام هذا الواقع المؤلم، يبرز السؤال: كيف يُعقل أن يقضي الجندي أشهراً بلا راتب، ثم حين يُصرف له شهراً يتيم، يجد نفسه في طوابير لا تتحرك، أمام صرّافات لا تعمل؟

أليس من واجب الجهات المعنية أن توفّر آلية صرف تحفظ كرامة هؤلاء الذين يحملون عبء الأمن؟

أليس من العدل أن تُراجع هذه القرارات المتعجلة التي لم تجلب إلا الفوضى والتكدس والإذلال؟


إن احترام الجندي يبدأ من احترام حقه في راتبه، وفي وصوله إليه بسهولة ومن دون إذلال. وإن استمرار هذه الإجراءات العبثية لا يمس حياة الجنود فقط، بل يمس الأسرة التي تنتظرهم، والكرامة التي يعيشون من أجلها، والثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.


لقد حان الوقت لمراجعة هذا القرار وإعادة الأمور إلى نصابها.

فالجنود ليسوا متسولين على أبواب الصرّافات، بل هم عماد الأمن وسند الوطن، ومن الظلم أن يُعاملوا بغير ما يليق بمكانتهم ودورهم وتضحياتهم.