ثمانية وخمسون عام مرت وعلم جمهورية اليمن الديمقراطي ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ثم الجمهورية اليمنية على تعاقب القيادات السياسية التي إعتلت دفة السلطة منذ إعلان إستقلال سلطنات الجنوب العربي ومحمية عدن التي حاولت بريطانيا من خلال ذلك الإجراء الذي إتخذته في بداية خمسينات القرن الماضي إمتصاص الغضب الثوري للشعب الذي استمده من بريق ثورات التحرر العربي التي أنارت كل الرقعة العربية ضد التواجد الإستعماري للانظمة الإستعمارية المباشرة في تلك الفترة وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وايطاليا.
نوفمبر ذكرى تحرير الرقعة اليمنية الجنوبية أوشكت أن تطل وربما كثير من الجيل الذي عاش الذكرى الأولى لحدث التغيير وكان ممن شارك في أحداث الثورة الأكتوبرية التي توجت بنصر نوفمبر رغم كل الإخفاقات التي رافقت العمليات السياسية والثورية لذاك الحدث العظيم الذي كان نقطة التحول و نزع مظلة الإستعمار والتشرذم للرقعة الجنوبية إلى أكثر من عشرين سلطنة ونيف من الإمارات المتناحرة .
وكان من جملة الإنتصارات والأهداف التي تحققت إحباط خطط الإحتلال البريطاني الذي أخذ يغير من سياسته ليستمر في البقاء تحت حجج جديدة فحاول إنشاء مايسمى بإتحاد السلطنات تحت المسمى الجنوب العربي لكن كان هيهات أن تنطلي على الثوار في الجنوب تلك الحيلة التي شرع في تنفيذها في بداية خمسينات القرن الماضي فلم تثني تلك الذريعة الشعب عن مواصلة الثورة وإرتفاع حالة الغليان الثوري الذي تفجرت شراراته في أكتوبر وتوج النصر في نوفمبر.
فهذا نوفمبر أوشك أن يطل وكثير من أهدافه التي حقهها الرعيل الأول تبددت وأصبحت ذكريات تكاد تنسى فلا جيش وطني موحد تحت راية الوطن وانجازات خدمية تحققت في مراحل سابقة أصبحت اليوم في حكم المعدومة في شتى المجالات التعليم والصحة والكهرباء .
نوفمبر يطل والوطن تعصف به العواصف تأخذه بعيدا عن طموحات الشعب في ظل سيادة منقوصة وتبعية إقليمية ودولية وحروب لانهاية لها غير واضحة المدى والأهداف.
نوفمبر يطل خجولا إذ بماذا يبشر وبأي انجازات سيعيد ظلال الإنتصار الأول كما كان في مهده في صبيحة الثلاثين من نوفمبر 1967م.
عصام مريسي