عندما قام ثوار الامس من الآباء والأجداد بثورة الرابع عشر من اكتوبر 1964م ضد المستعمر البريطاني كان هدفهم إحداث تغيير جذري في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعيةفي الجنوب
فثوار الكفاح المسلح من عامة الشعب كانوا لا يمتلكون عقارات وأرضي سكنية وشقق في عاصمة لجنوب عدن وبعد خروج الاستعمار من عدن ظل حال الثوار على ما هو عليه ولم يقم أحدهم بنهب منزل او شركة او مؤسسة حكومية بدعوى. انه من حرر الجنوب من الاستعمار البريطاني
في الثاني والعشرين من يونيو 1969م جاءت ما يعرف بالخطوة التصحيحية وتم تأميم ممتلكات السلاطين وكبار التجار في الجنوب ورغم ذلك الخطأ الفادح بحق السلاطين والتجار الجنوبيين إلا إن القياداات التي قامت بتلك الخطوة لم تقم بتسخير قانون التأميم لصالحها الخاص بل لمصلحة عامة الشعب من البسطاء والكادحين وذوي الدخل المحدود ولم نر رئيس اوقائد او مسؤول استغل ذلك القانون ليبسط على هكتارات من الأراضي او العمارات والأحواش التي تم تاميمها بل إن حصل أحد تلك القيادات او المسؤولين على شيء فشأنه كفرد من أفراد عامة الشعب
مات سالمين مديوناً ومات قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف وعلي عنتر ولم يورثوا لاولادهم وأهلهم ارصدة بنكية او شركات تجاربة وعقارات سكنية
رحل علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وحيدر العطاس وسلسلة طويلة ممن تقلدوا القيادة والمسؤولية في الجنوب ولم يتركوا خلفهم غير منزل اوشقة سكنية كانت تأويهم هم وأسرهم ولم نسمع انهم أخذوا معهم درهم ولا دينار من اموال الشعب الجنوبي عند رحيلهم من سدة الحكم في عدن
كان اولاد وأبناء تلك القيادات والرؤساء والمسؤولين يدروسون في المدارس والجامعات الحكوميةبين ابناء الكادحين من هذا الشعب ولم نسمع ان مسؤول او قائد منهم ابتعث ابنه او ابنته إلى الخارج بحجة انه رئيس او قائد او مسؤول بحجم وطن واقصى ابناء البسطاء والكادحين من الابتعاث للدراسة في الخارج
رغم كل الأحداث والصراعات التي حدثت بن الرفاق من هؤلاء القادة والثوار إلا انهم استطاعوا بناء دولة مؤسسات فأنشئت المصانع والشركات والمؤسسات ولم يعد هناك شاب جنوبي عاطل عن العمل بعد ان تم استيعابهم في تلك المصانع والشركات والمؤسسات كعمال رسميين مؤهلين ومدربين وصل بهم الحال ان يخرجوا ذات يوم في مسبرات لا يطالبون بصرف المرتبات نهاية كل شهر بل كانت مطالبهم تخفيض مرتباتهم التي يستلمونها قبل نهاية كل شهر شمسي
خرج اليوم الثوار والقادة الجدد للجنوب واستبشر الشعب الجنوبي بهم خيراً علهم يعيدوا ذاك الماضي التليد لدولتهم المسلوبة من براثن وحجافل احتلال حرب صيف 1994م
كان عشم هذا الشعب الجنوبي ان يتخذ الثوار الجدد من ثوار وقادة الامس الانموذج والنبراس المحتذى به في النزاهة والتعفف من السطو على الحق العام او الخاص للشعب الجنوبي
ولكن ما حدث عكس ذلك فقد جعل الثوار والقادة الجدد ما يسمونهم بالاستعمار الجديد للجنوب انموذج لهم في البسط والسلب لأملاك الدولة والشعب وكأنهم صورة طبق الأصل منهم بل وتفوقوا عليهم بمرتبة الشرف
كان الثوار والقادة الجدد يعيشون بين عامة الناس ويصدعون بمظلومية الجنوب وأهله وكانوا لا يملكون قيمة حذاء وقنينة ماء بينما يراهم الشعب اليوم بعد ان تقلدوا المناصب والرتب يمتلكون القصور والفلل والسيارات الفارهة والشعب المسكين الذي تغنوا بمظلوميته افقر شعوب العالم ولا يمتلك ما يسد به رمقه وجوع أولاده
يجلس هؤلاء الثائرون والقادة الجدد على طاولة ومائدة واحدة مع من يسمونهم بالمستعمر والمحتل الجديد للجنوب ويتقاسمون معهم المناصب والمكاسب والشعب الجنوبي بلا مرتبات لأشهر عدة ويتحججون أن مرتبات هذا الشعب ليس من مسؤوليتهم بل مسؤولية حكومة المحتل التي هم شركاء فيها
أبناء هؤلاء الثوار والقادة الجدد يعيشون في عواصم العالم ويدرسون في ارقى الجامعات والاكاديميات ثم يطالبون الشعب الجنوبي بمزيد من الصبر والعزيمة لأجل نيل التحرير والاستقلال من المستعمر الجديد للجنوب
إن اردتم ان تعرفوا الفرق بين ثوار وقادة الأمس واليوم أسالوا جبل شمسان وقلعة صيرة وجزيرة العمال وجبل حديد ومتنفسات عدن وشواطئها وموانئها فهي كفيلة ان تبوح لكل باكي على اطلالها بكل ما تكنه من أحزان وآلام بين حنايا أحجارها ومياهها ورمالها التي تنوح وتترحم أياماً كانت فيها وجهة العالم اجمع