آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-04:01م

حين يكتب الخصم بإنصاف

الثلاثاء - 04 نوفمبر 2025 - الساعة 10:29 ص
غمدان ابواصبع

بقلم: غمدان ابواصبع
- ارشيف الكاتب


لم تكن الحملة التي انطلقت لدعم تجربة الدكتور يحيى الشعيبي في الإدارة اليمنية مجرد موجة إعجاب أو اصطفاف سياسي كما ظن البعض، بل كانت مراجعة فكرية لتجربة رجلٍ جمع بين الانضباط والمسؤولية في زمنٍ غابت فيه معايير الإدارة الرشيدة.


قُدّت الحملة وسوف أستمر في قيادتها و التي شملت ما يزيد على عشرين مقالًا نُشرت في الصحف والمواقع اليمنية، كتبها عدد من الزملاء بمبادرة وتنسيق جمعنا مراجعة الماضي وهي لا تهدف لترويج لشخصٍ بعينه، بل لإعادة الاعتبار تجربة إدارية تستحق التوقف عندها.

وقد أثارت الحملة دهشة الكثيرين، وفي مقدمتهم الدكتور الشعيبي نفسه، الذي تفاجأ بأن من كان يُحسب على صفّ منتقديه يقود اليوم جهدًا جماعيًا يعيد قراءة تجربته بإنصاف وهدوء.


فالنقد الذي مارسته لسنوات لم يكن خصومة، بقدر ما كان حرصًا على تقييم الأداء العام بميزان العدالة.

وحين رأيت أن كثيرًا من القادة يمرّون دون أن يُقيَّموا بإنصاف، أدركت أن الوقت حان لنعيد النظر في تجاربنا بعيدًا عن ضجيج السياسة ومزاج الانقسام.


لقد مثّل الشعيبي نموذجًا إداريًا حاول أن يوازن بين الانضباط والمرونة، بين الكفاءة والإنسانية، في وقتٍ كانت فيه مؤسسات الدولة تتراجع وتفقد فاعليتها.

نجح في محطات، وتعثّر في أخرى، لكنه ظلّ يحافظ على فكرة أن القيادة مسؤولية قبل أن تكون موقعًا.

وهذا ما أردنا أن نعيده إلى الواجهة: أن الإدارة لا تُقاس بالمناصب، بل بقدرة المسؤول على مواجهة الواقع والاعتراف بتحدياته.


إن قيادة الحملة لم تكن تغييرًا في الموقف، بل ارتقاءً في الفهم.

فمن النقد خرجنا إلى الإنصاف، ومن الخصومة إلى القراءة المتجردة.

وما فعلناه كان تأكيدًا على أن التقييم الموضوعي لا يقلّ أهمية عن المعارضة الصادقة، وأن الاعتراف بفضل من حاولوا الإصلاح ليس ضعفًا بل وعيًا بالتاريخ.


في النهاية، لم تكن الحملة دفاعًا عن شخص، بل دفاعًا عن قيمة.

عن فكرة أن الإدارة يمكن أن تكون وطنية، وأن الإنصاف لا يحتاج إلى ضوء أخضر من أحد، بل إلى ضمير حي يرى الأمور كما هي، لا كما يُراد لها أن تُرى.