آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-04:07م

ضبطيات الأمن.. مجهود جبار ولكن!

الجمعة - 31 أكتوبر 2025 - الساعة 04:21 م
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


/عدنان زين خواجه


تشهد محافظات الجنوب في الآونة الأخيرة نشاطًا أمنيًا متناميًا وملموسًا في مكافحة آفة المخدرات، حيث تتوالى يوميًا الأخبار عن ضبط شبكات تهريب وترويج المواد المخدرة. هذه النجاحات تأتي نتاج يقظة رجال الأمن وتدريبهم العالي، ما يعكس كفاءة الأجهزة الأمنية في حماية المجتمع من واحدة من أخطر الجرائم التي تستهدف الأجيال ومستقبل الوطن.


ولا شك أن هذه الجهود تستحق كل التقدير والثناء، إذ أظهرت أن الإرادة الأمنية حين تتوفر، يمكنها أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة المواطنين. فالمروجون وتجار السموم لا يهددون الأفراد فحسب، بل يسعون لتدمير وعي المجتمع وإغراق الشباب في مستنقع الإدمان، ما يتطلب من القضاء والنيابة التعامل معهم بلا تهاون ولا رحمة، بوصفهم مجرمين في حق الوطن بأسره.


لكن وسط هذا المجهود الكبير، يبرز سؤال مشروع يتردد على ألسنة المواطنين:

أين هي أجهزة الأمن من متابعة جرائم تهريب الأموال والثروات الطبيعية والآثار التي تُنهب يوميًا من باطن الأرض وتُهرّب إلى الخارج؟


ففي الوقت الذي تضبط فيه الأجهزة الأمنية تجار المخدرات، لا تزال ثروات الوطن — من نفط وغاز وذهب ومعادن وآثار تاريخية — تغادر أرض البلاد في غياب شبه تام للرقابة والمساءلة. تلك الثروات التي كان يفترض أن تكون مصدرًا لتحسين حياة المواطن، تحولت إلى مصدر إثراء لفئات محدودة في الداخل والخارج، بينما يعاني المواطن البسيط الفقر والجوع وانعدام الخدمات.


إن نهب الثروات الوطنية جريمة لا تقل خطورة عن تجارة المخدرات، بل هي في حقيقتها تخدير من نوع آخر، تخدير للشعوب وسرقة لأحلامها في حياة كريمة. لذلك، فإن الواجب الوطني والأخلاقي يحتم على الدولة — بأجهزتها الأمنية والقضائية والرقابية — أن تفتح هذا الملف الشائك، وأن تحاسب المتورطين مهما كانت مواقعهم.


كما أن على الشعب أن يعي مسؤوليته في مواجهة هذا العبث المنظم، وألا يقف صامتًا أمام استمرار النهب الممنهج لخيرات الوطن. فالوطن لا يُحمى بالصمت، ولا يُبنى بالسكوت على الفساد، بل بالوعي والموقف والمطالبة الصادقة بالتغيير.


ختامًا، إذا كانت الأجهزة الأمنية قد نجحت في محاربة المخدرات، فإن الواجب الوطني يفرض عليها أن توسع من دائرة يقظتها لتشمل حماية الثروة الوطنية والمال العام والآثار، فذلك هو الطريق الحقيقي لبناء وطن آمن مزدهر، يُدار بثرواته لا يُنهب بها، ويعيش شعبه بكرامة لا بفُتات ما يُترك له من اللصوص.