آخر تحديث :الأحد-21 ديسمبر 2025-12:06ص

دولة الجبايات والمهاترات — محافظة أبين نموذجًا

الخميس - 30 أكتوبر 2025 - الساعة 09:46 م
د. غسان ناصر عبادي

بقلم: د. غسان ناصر عبادي
- ارشيف الكاتب


على طول الخطّ الرئيس لأبين تنتشر نقاط جبايات متعددة، تبدأ من نقطة العلم وتنتهي على مشارف شبوة في منطقة المحفد، هذا الطريق الاستراتيجي تحول إلى «طريق الموت» بالنسبة للمسافرين والمركبات، حيث يفرض على كل سيارة نقل جباية عند كل نقطة، أو يضطر سائقها للتوقف لأيام من دون أن يجد من يقدم له الحماية أو الحل، المفجع أن هذه الجبايات تقتسم بين مسؤولين محليين وأمنيين وعسكريين في المحافظة، ما أدى إلى ثراء فاحش لدى فئات محددة، بينما أثقل كاهل المواطن برفع مستمر في الأسعار وتدهور في جودة الحياة.


المفارقة الأكبر أن الطريق ذاته —الذي كان يعاني من حفر وتدهور واضح— لم تترجمه هذه الجبايات إلى خدمات أو صيانة، بل جاءت مبادرة إصلاحه من شخصية وطنية: ابن أبين العميد ناصر عبدربه منصور هادي، مما يطرح تساؤلات جادة عن مسؤولية السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في الحفاظ على البنية التحتية وتأمين عوائد شفافة تستثمر لخدمة المواطن.


نماذج الجبايات في أبين ليست بالضرورة الأعلى قيمة بين محافظات أخرى، لكن طابعها العنيف والفوضوي وارتباطها بصدامات متكررة يجعلها نموذجاً سيئاً للفساد الإداري والأمني، فالمدن والطرقات المجاورة تفرض جبايات أعلى، لكنها غالباً ما تدار بهدوء ونظام يجعل المواطن لا يشعر بها مباشرة إلا عندما يدفع ثمن استهلاكه في السوق، أما في أبين فتصاحب الجبايات اشتباكات ومداهمات وأحيان يذهب ضحيتها أبرياء يسكنون قرب هذه التشكيلات، وهو ثمن باهظ لا يحتمله المواطن الذي يعاني أصلًا من غلاء المعيشة.


من هذا المنطلق، نناشد قادة المحافظة ومسؤوليها العسكريين والأمنيين:


1. التوصل إلى اتفاق فوري وواضح حول آلية الجبايات ومواقعها، بحيث تصبح: منظمة، شفافة، محدودة، وتدار وفق قانون واحد يحمى المدنيين.



2. تحويل أي عوائد من الجبايات إلى خزينة رسمية أو إلى موازنات محلية واضحة تستثمر في صيانة الطرق والخدمات العامة وليس في إثراء أفراد أو تشكيلات.



3. إيقاف أي تصادم مسلح على نقاط الجبايات وحماية المواطنين الأبرياء، لأن المواطن لا يطيق الجمع بين قسوة الغلاء وقسوة الرصاص.



4. فتح تحقيقات مستقلة في تجمعات الثروات غير المبررة الناشئة عن هذه الجبايات، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الاستفادة الشخصية غير المشروعة.




أبين تستحق إدارة رشيدة من شخصيات كفوة تضع مصلحة المواطن فوق حسابات التجار في سواتر السلطة، الطريق الذي يربط محافظات الوطن لا يجوز أن يكون مدرسة للابتزاز أو مسرحًا للصراعات الداخلية، نريد حوكمة وعدلاً وإدارة شفافة تعيد لأبناء أبين كرامتهم وأمنهم وحقهم في خدمة عامة عادلة.



*د. غسان ناصر عبادي*