آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-04:01م

دولة بلا قانون... حين يتحول المواطن إلى ضحية دائمة

الأحد - 26 أكتوبر 2025 - الساعة 10:14 م
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


في كل دول العالم، تُبنى الأوطان على أسس القانون والدستور، حيث تسود العدالة، ويُحاسَب الكبير قبل الصغير، ويُحترم الإنسان لكونه مواطنًا لا تابعًا. إلا أن ما نعيشه في اليمن اليوم، بشقيه المتحرر والانقلابي، يكشف واقعًا مغايرًا تمامًا، واقعًا يدار بالمزاج، وتتحكم فيه الرغبات الشخصية والنفوذ القبلي والعسكري، أكثر مما تحكمه نصوص القوانين أو مواد الدساتير.

في اليمن، القانون لا يُطبق إلا على الضعفاء، أولئك الذين لا سند لهم ولا ظهر، بينما ينجو المتنفذون من كل مساءلة مهما بلغت جرائمهم. اختطافات، تقطعات، جبايات غير قانونية، نهب منظم، فساد إداري ومالي، جشع تجاري... كلها أصبحت مفردات يومية في حياة المواطن اليمني، حتى صار الخرق هو الأصل، والنزاهة استثناء نادر.


القانون، الذي يفترض أن يكون حاميًا للحقوق، تحوّل إلى أداة انتقائية تُستخدم متى شاء الحاكم، وتُلغى متى أراد صاحب النفوذ. فكم من مختطف اختفى قسرًا دون محاسبة أحد، وكم من مسؤول جمع الثروات من عرق الفقراء دون أن يسأله أحد: من أين لك هذا؟


لكن، لعل أكثر ما يؤرق المواطن اليوم هو جنون الأسعار وجشع التجار، الذين حولوا الأسواق إلى ساحات للنهب المعلن. فرغم التحسن الملحوظ في سعر صرف الريال اليمني مؤخرًا، بانخفاض الدولار من 2880 إلى 1615 ريالًا، إلا أن الأسعار لم تهبط كما يفترض، بل ظلت على حالها، بل ارتفعت في بعض السلع! التبريرات كثيرة: جبايات، رسوم غير قانونية، تكاليف نقل... لكن الحقيقة واحدة — جشع بلا رقيب ولا حسيب.

إن المواطن اليمني اليوم يعيش بين مطرقة الفقر وسندان الغلاء، بلا راتب منتظم، ولا خدمات عامة، ولا كهرباء ولا مياه. وحتى حين يلوح بصيص أمل بتحسن اقتصادي طفيف، تتكفل قوى الفساد والتلاعب بإجهاضه سريعًا. وكأن هناك من يتعمد إبقاء المواطن في حالة عجز دائم، غير قادر حتى على المطالبة بحقه.

إنها دولة بلا قانون، بلا عدالة، بلا ضمير.

ومع ذلك، فإن الصمت لم يعد خيارًا. يجب أن تُرفع الأصوات، أن تتحرك الأقلام، أن يكتب الصحفيون بجرأة وصدق، وأن يُكشَف كل متورط في تجويع هذا الشعب وسلب كرامته.

إن مهمتنا ليست في التوصيف فقط، بل في إحياء الضمير الوطني، في إعادة الاعتبار للقانون، وفي أن نقول لكل من يعبث بحياة الناس: كفى.

فربما، لو بدأنا بخطوة صغيرة نحو مواجهة الجشع والفساد، سنكون قد فتحنا باب الأمل لاستعادة وطن أضاعه الفاسدون باسم السلطة والنفوذ.