/عدنان زين خواجه
يشهد العالم تحولات كبرى في شكل الوعي السياسي والاجتماعي، ويبدو أن رياح التغيير التي بدأت تهب في إفريقيا وآسيا قد بدأت تلامس المنطقة العربية من جديد. فجيل الشباب، الذي يصطلح على تسميته بـ جيل Z، لم يعد يقبل بالعيش في ظل أنظمة تدار بإملاءات الخارج، أو بسياسات فقدت سيادتها واستقلال قرارها الوطني.
منذ عقود طويلة، تعيش الأنظمة العربية حالة من التبعية السياسية والاقتصادية للقوى العظمى، حتى تحولت إرادة تلك الدول إلى مجرد صدى لما تمليه عليها مراكز القرار في واشنطن أو باريس أو لندن. هذه التبعية جعلت الشعوب، خصوصاً الشباب، تشعر بأن مستقبلها يُرسم خارج حدودها، وأن أوطانها تُدار من غرف مغلقة بعيدة عن تطلعاتها.
لكن ما يجري اليوم في مدغشقر والمغرب وغيرهما من الدول التي بدأت تشهد حراكاً شبابياً تفاوضياً وسياسياً متنامياً، يؤكد أن الوعي الجمعي الجديد لم يعد يقبل بسياسات الوصاية أو التبرير. فجيل اليوم مسلح بالمعرفة، مدعوم بالإعلام الرقمي، ومتصالح مع فكرة المواجهة السلمية من أجل التغيير الحقيقي.
لقد أدرك هذا الجيل أن الاستقلال الشكلي لا يعني الحرية، وأن رفع العلم لا يساوي السيادة ما لم تكن هناك أنظمة وطنية حرة الإرادة، نزيهة القرار، ومتصالحة مع شعوبها. ولهذا، تبدو الدعوة إلى "ثورة وعي جديدة" أمراً ملحاً، ثورة لا ترفع السلاح، بل ترفع الصوت والفكر، وتعيد بناء مفهوم الدولة على أسس العدالة والكرامة والهوية الوطنية المستقلة.
فالتاريخ علّمنا أن الأمم لا تنهض إلا حين تكسر قيود التبعية، وتتحرر من الخوف، وتستعيد حقها في تقرير مصيرها. واليوم، يبدو أن الجيل العربي الجديد أمام امتحان تاريخي: إما أن يواصل الصمت في ظل أنظمة تُدار بريموت خارجي، أو أن يعلن ميلاد عصر جديد من الوعي والسيادة والاستقلال الحقيقي.