يعد الوصول إلى بطولة كأس العالم حلما راود كثير من البلدان كون هذه البطولة العالمية حدث كروي عالمي يقام كل أربع سنوات و تشارك فيه أفضل منتخبات القارات ويحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة فقد شهد عام 1930م انطلاقة أولى البطولات حيث تم دعوة ثلاثة عشر منتخبا من قارتي أمريكا واوروباء دون خوض التصفيات وفاز بها المنتخب الارجواي والبطولة الثانية عام 1934م بمشاركة ستة عشر منتخبا بعد خوض التصفيات وكان المنتخب المصري أول منتخب عربي ممثلا للعرب في البطولة ومن بعدها انقطعت مشاركة المنتخبات الوطنية العربية بسبب عدم تأهلها من التصفيات التمهيدية من قارتي أفريقيا وآسيا لعدة أسبابها منها وجود مقاعد محدودة والتنافس الكبير بين المنتخبات شديد جدا وقد ضلمت كثير من المنتخبات رغم قوتها ومنها المنتخبات العربية ونجومها البارزين فترة السبعينيات وثمانينات القرن الماضي بسبب محدودية المقاعد وشهدت بطولة كأس العالم عام 1970م عودة التمثيل العربي من جديد بمشاركة المنتخب المغربي و في عام 1978م بالارجنتين عاد العرب للمشاركة دون انقطاع بمشاركة المنتخب التونسي الذي حقق أول فوز عربي بعد تغلبه على المنتخب المكسيكي و اشاد به كثير من النقاد والمهتمين بالشأن الرياضي العالمي وبعدها توالت المشاركات العربية تباعا ولم تنقطع المشاركات بوجود أربعة وعشرون منتخبا ففي ببطولة كأس العالم أسبانيا عام 1982م وصل المنتخب الجزائري ممثل العرب عن القارة الأفريقية وحقق نتائج مشرفة و رغم فوزه على وصيف البطولة المنتخب الألماني لكن مؤامرة التلاعب بين النمساء وألمانيا اقصته للتأهل للدور الثاني و استطاع الأزرق الكويتي من الوصول للبطولة عن قارة آسيا بجدارة هو أول منتخب عربي وخليجي بعد تفوقه على منتخبات القارة الآسيوية رغم أن مقاعد القارة في آسيا في تلك المرحلة مقعد ونصف فقط واصطدم الأزرق بمجموعة حديدية قوية وحقق نقطة واحدة وبعدها واصلت المنتخبات العراق والإمارات و السعودية في المقابل تأهلت منتخبات المغرب وتونس والجزائر ومصر عن القارة السمراء وقدمت مستويات طيبة رغم شدة التنافس وتأهل المغرب للدور الثاني بعد خسارة من وصيف البطولة المنتخب الألماني ، وفي عام 1994م بإمريكا حقق المنتخب السعودي نتائج مشرفة و تأهل للدور الثاني .
شهدت الثلاثة العقود الأخيرة تغييرات بقوانين لعبة كرة القدم وكذا توسيع عدد مشاركة المنتخبات واقامة البطولة في قارة آسيا استضافتها اليابان وكوريا الجنوبية وهي التجربة الأولى و استطاع العرب التميز والإبداع بإستضافة ناجحة وإستثنائية في البطولة الماضية بدولة قطر الشقيقة 2022م رغم مشاركة 32 منتخبا و فيها حقق المنتخب السعودي فوزا تاريخيا في الدور الأول على منتخب الارجنتين الذي ظفر بالبطولة وعاد الفيفا مرة أخرى إلى تجربة أخرى إقامة البطولة في القارة الامريكية بين ثلاث دول امريكا وكندا والمكسيك وزيادة المنتخبات المشاركة للبطولة القادمة عام 2026م إلى 48 منتخبا مما منح القارات زيادة مقاعد أكثر وهذا ساهم في وصول اكثر من منتخب إلى بطولات كأس العالم بصورة متكررة حيث وصلت إلى سبع منتخبات عربية قابلة للزيادة و يعد الأول في تاريخ المشاركات ولكن السؤال الذي احب أن يطرح ماذا بعد الوصول للنهائيات ؟
المنتخب العربي الوحيد الذي قدم مستوى كبير هو المنتخب المغربي بتأهله إلى أدوار متقدمة في بطولة كأس العالم الماضية و وصل إلى الدور نصف النهائي ويعد أول إنجاز عربي بل وأفريقي ايضا بعدما كان الدور النصف النهائي ظل محتكرا بين منتخبات قارتي أمريكا وأوروباء ،
هل سنرى منتخابتنا العربية تقارع منتخبات أمريكا واورباء وتصل إلى مستوى متقدم في البطولة وتحقق حلم العرب بالفوز باللقب فقد وصل المنتخب المغربي للدور النصف النهائي في البطولة الماضية ؟ أم أننا سنشهد مغادرة جماعية من الدور الأول ؟
يجب على المنتخبات العربية أن تعد العدة بأن تقدم مستويات عالية تؤهلها إلى أدوار متقدمة وتشرف كرتنا العربية في هذا المحفل الرياضي العالمي وليس مجرد الوصول وتكملة عدد فقط ،
من المفارقات ببطولات كأس العالم بأن أول بطولة عام 1930م شهدت مشاركة ثلاثة عشر منتخبا والبطولة القادمة 2026م ستشهد مشاركة 48 منتخبا مشاركا ، كما أن بطولة كأس العالم توقفت بسبب الحرب العالمية الثانية .
من وجهت نظري اتمنى عودة تحديد مقاعد المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم إلى أقل من هذا الكم الكبير من المنتخبات حتى نشاهد مستويات عالية من بداية الأدوار الأولى وارى ان المنافسة الحقيقية بعد تلك الزيادات ستبداء من الدور الثاني وفق المعطيات ومستوى المنتخبات التي نشاهدها وقد تحصل هناك مفاجأة بوصول منتخب عربي آخر إلى أدوار متقدمة بالبطولة .
و لن نقلل من المنتخبات العربية الأخرى المشاركة وقد تفعلها فكرة القدم تعطي من أعطاها وليس هناك مستحيل فقد حقق المنتخب السعودي بطولة كأس العالم للناشئين عام 1989م و اليوم حقق المنتخب المغربي للشباب فوزا تاريخيا كبيرا بفوزه ببطولة كأس العالم 2025م بتشيلي بعد تغلبه على المنتخب الاجنتيني بالنهائي إن هذا الفوز يعطي لنا تفاؤل كبير بأن منتخبا عربيا قد يظفر بلقب كأس العالم للكبار واننا في انتظار البطولة القادمة ونتائج منتخباتنا العربية المشرفة ليدونها التاريخ الرياضي العالمي ...