لكل مرحلة من مراحل تاريخ وطننا كانت هناك دروس وأخطاء، لكن أسوأ ما يمكن أن نفعله هو أن نعيد أخطاء الماضي وكأننا لم نتعلم منها شيئًا.
فالتجارب السابقة ليست مجرد قصص، بل إشارات تحذرنا من الطرق التي قادت غيرنا إلى الندم.
في تاريخنا القريب، حدثت مواقف وقرارات كانت نوايا أصحابها صادقة، لكنهم اندفعوا بحماس دون أن يتأنَّوا أو يطَّلعوا جيدًا على تجارب من سبقهم،
فظلت لعنة هذه الأخطاء تلاحقهم، وتنغِّص عيشهم بتأنيب الضمير والندم، لأنهم أدركوا بعد فوات الأوان أن حلولًا أخرى كانت أفضل لهم وللوطن وأبنائه، لو أنهم فقط فكروا بهدوء ووسعوا نظرتهم قبل أن يقرروا.
إن أكثر ما يضر أي بلد هو التطرف والتعصب في المواقف، أياً كانت القضية؛ فالتطرف لا يعني قوة الموقف، بل ضعف الفهم وضيق الأفق.
الوطن لا يُبنى بالصوت العالي ولا بالاندفاع، بل بالعقل والحكمة والتوازن بين العاطفة والمصلحة.
لذلك، أرجو من كل من بيده القرار، ومن كل قيادي يحب وطنه بإخلاص، أن يتذكر أن الاعتدال ليس ضعفًا، بل هو طريق القوة الدائمة، وأن الاختلاف لا يفسد للود قضية.
فاقرؤوا تاريخ الماضي، فدروسه ليست ترفًا، ولا لإضافة معلومات ثقافية نتمشدق بها في المنتديات؛ بل واجب حتى لا نقع في نفس الأخطاء من جديد.
فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا لمن لم يفهمه.
