تعز… مدينة المجد والحلم والنقاء، التي صاغت التاريخ بحكاياتها وبطولاتها، لم تُعرف يومًا بأنها تُدار بالمصالح أو تُقاس بقياس المال. ومع ذلك، يدرك كل متابع أن هناك من خان هذا المبدأ. لكن بين أزقتها وشوارعها ما زال هناك رجال متمسكون بالمبادئ، ومن بينهم من جعل من العطاء طريقًا للخلود، ومن المسؤولية رسالة أسمى من المناصب، إنه الدكتور عبد القوي المخلافي، وكيل أول المحافظة، نموذج نادر للقيادة النقية والضمير الحي.
لم يكن المخلافي رجل سلطة يسعى للمكاسب أو الامتيازات، بل كان قلبًا ينبض بالوفاء للمدينة وأهلها، وفكرًا هادئًا يزن الأمور بعقل متزن، وروحًا تؤمن بأن قيادة تعز مسؤولية قبل أن تكون سلطة. وهب حياته لخدمة المدينة، ودافع عنها كما يدافع المؤمن عن إيمانه، رافضًا أن تتحول القيادة إلى وسيلة للثراء، ومصرًّا أن تكون منصة للإصلاح، ولإعادة البسمة إلى وجه المدينة الحالمة كما كانت دومًا: مدينة العزّ والمجد، مدينة الحلم والنقاء.
في زيارتي الأخيرة إلى تعز، كان اللقاء مع المخلافي قصيرًا، لكنه ترك أثرًا عميقًا: رجل بسيط، قريب من الناس، يدير الملفات الصعبة بهدوء وثبات، بعيدًا عن الصورة النمطية للسلطة. وبين التحديات الأمنية والسياسية، وبين موجة التشويه التي طالت بعض الشخصيات، يظل المخلافي مثالًا لرجل الدولة الذي يحمل الورود بدل البنادق، ويؤمن بالسلام والعيش المشترك.
التسجيل الصوتي للشهيدة افتِهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين، كشف الكثير من الافتراءات التي طالت بعض الشخصيات في المدينة. ومن خلال كلماتها، اتضح أن الدكتور المخلافي ليس من الذين يسعون وراء المال بأي ثمن، بل رجل دولة متوازن، يحافظ على تماسك المدينة وسط عواصف السياسة والصراع. وقد أعاد التسجيل رسم الصورة الحقيقية للمخلافي في أذهان الكثيرين، مؤكّدًا أنه جزء من الحل وليس من المشكلة، وأن قيادته تقوم على المبادئ والضمير قبل كل شيء.
تعز واليمن لن ينهضا إلا حين نعيد الاعتبار للضمير النظيف، ونرفع القبعة لمن يضع الإنسان قبل السياسة، والعطاء قبل المكاسب، كما فعل عبد القوي المخلافي، الرجل الذي أصبح في قلب المدينة رمزًا للوفاء، وللقيادة التي تتجاوز الأسماء والمناصب لتلامس الروح.