آخر تحديث :الأحد-02 نوفمبر 2025-12:12ص

المتسلقون على ظهور الثورات ،،

الثلاثاء - 14 أكتوبر 2025 - الساعة 02:19 م
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


يقول ( تشي جيفارا) :" الثورة يصنعها الشرفاء ويقودها الشجعان ثم يسرقها الجبناء"


لا أظن أنَّ يختلف اثنان على صحة

هذه المقولة رقم قسوتها ، ورقم مرارتها .

وهذا ما يؤكده الواقع ، وهذا ما تشهد به الوقائع ، وهذا ما تثبته الأيام ، وهذا ما تتحدث به السنون!!!


فعادة ما يتقدم الشجعان الصفوف غير

هيَّابين ، ولا مبالين بالموت في سبيل

نفض غبار الذل ، ورفض العبودية ، والاستكانة ، والخنوع ..


فيفجرون الثورات ،ويجودون بأرواحهم ، ويضحَّون بحياتهم ، ويرخصون دماءهم في سبيل حريتهم ، وحماية أوطانهم ، وصون مقدساتهم ....

فيخوضون المعارك ، ويشعلون الحروب ، وينيرون دروب الحرية ،ويوقدون شُعلة النصر ، ويطردون الأعداء ، ويحررون الأوطان ، ويستردون الكرامة ....


وفي تلك الأثناء يقبع الجبناء ، والضعفاء ، والخوَّارون في أغبية العمالة ، والخيانة ، والنخاسة ريثما ينجلي غبار الحرب، وتزغرد النساء بزغاريد النصر ..

عندها يتقدم أولئك الجبناء ليرفعوا

أصواتهم بتكبيرات النصر ، ويتغنون بأناشيد الحرية ، ويتوشحون بأعلام الثورة ، ويتفنون بنسج العبارات البراقة لخطف الأنظار ..


فبينما ينتحي المناضلون جانباً ليأخذوا قسطاً من الراحة ، وينفضوا غبار المعارك ، ويتزينوا للفرح بالنصر ، ويتهيَّؤوا لبدء معركة البناء ، ورسم معالم المستقبل...


بينما هم كذلك ...

يجدون أنفسهم وقد استدار الزمان ، وقد تبدل الحال ، وقد تغير المقال ، وقد تنمَّرت الثعال ، وقد امتطى المنصة كل بطال.


وبفعلة غادر ، وبلمسة ساحر ، وبفكرة ماكر يتغير كل شيء ، ويتحول كل شيء ، وينتهي كل شيء...

فإذا بالجبان مناضل ، وإذا بالخوَّار

قائد ، وإذا بالبطَّال زعيم ، وإذا بالثائر

خائن ، وإذا بمفجر الثورة منافق ، وإذا

بالمناضل عميل ، وإذا بالشجاع مداهن .


وهكذا ينسل أولئك المصنوعون على عين الإستعمار خلسة ، لينقضَّوا على منجزات الثورة ، وليهدموا ما بناه الشجعان ، وليحطَّموا ما شيَّده الشهداء ، وَليَجْهِزُوا على حلم الثوار ،

وليعلنوها حرباً لا هوادة فيها لملاحقة مناضلي الثورة ، ولتصفية الثوار ، ولقتل الشجعان .


وهنا تتحق مقولة ( جيفارا )

يسرق الجبناء ثورة الشجعان

ورحم الله الشاعر الفيلسوف عبدالله البردوني حينما قال :

الأباة الذين بالأمس ثاروا **

أيقظوا حولنا الذئاب وناموا .


هذا للأسف هو واقع الحال مع قوى الإستعمار التي احتلت العالم العربي والإسلامي ...

خرجت من الباب لتعود مرة أخرى

من النافذة ...ولكن بثوب جديد .


ونحن فقط إذا أخذنا جنوبنا الحبيب ،

ووقفنا مع ثورة أكتوبر المجيدة الذي

يتغنى بها الجميع اليوم .

لوجدنا مقولة ( جيفارا) وقد تم تطبيقها بكل حذافيرها .


فما أن انجلى غُبار المعركة ...حتى تم الإجهاز على كل المناضلين ، والشجعان، والثوار ، والرجال الأوفياء ....

والْصِقَتٔ بهم التهم الباطلة بغرض التخلص منهم وإزاحتهم عن المشهد .

فقتل من قتل ، وسجن من سجن ، وهرب من هرب ...وتسلم الحكم المُعَدُّوْنَ سلفاً على عين

الإنجليز .


حقيقية مرة ، مؤلمة ، موجعة ، محزنة ...

لكنها هي الواقع الذي يحاول البعض أن يغطيه عن عين الشمس بغربال .


للأسف يحتفي الكل بعيد الثورة ...

ولم يسأل أحد عن أسر الشهداء ، ولا عن أرامل الشهداء ، ولا عن أهالي الشهداء!!!

ولم يجرؤ أحد أن يتحدث عن منجزات

الثورة ولا عن أهداف الثورة ، ولا عن مبادىء الثورة ..


لأنهم أجهزوا عليها في مهدها .

لا حرية ، لا عدالة ،لا مساواة ، لا مواطنة حقيقية ، لا تنمية ، لا تطور ونماء وازدهار ...لا لا لا ....


إثنان وستون عاماً والشعب يتجرع مرارة الصراع الجهوي ، المناطقي ، الحزبي ، القروي.....

تحت يافطات لمَّاعة ، وشعارات براقة .


فللشعب المغفل التصفيق ، والتطبيل ، والجوع ، والفقر ، والمهانة والإذلال ...

وللمتسلقين على ظهورهم خيرات البلاد !!!


رحم الله الشهداء الأحرار

ودام الوطن في خير