في مشهد سياسي يمني بالغ التعقيد، تبرز فكرة ضم محافظتي تعز وأجزاء من مأرب إلى الجنوب كواحدة من أكثر التحركات إثارة للجدل.
وبين من يراها ضربة معلم في توقيت حساس، ومن يعتبرها مجرد مناورة سياسية تهدف إلى زعزعة خصوم المجلس الانتقالي، تظل الحقيقة ضائعة بين الشعارات والتكتيكات.
*الواقع السياسي: تعز ومأرب في قلب المعركة.*
تعز ومأرب ليستا مجرد محافظتين على الخارطة، بل تمثلان العمق الاستراتيجي لحزب الإصلاح، الذي يسيطر فعلياً على مفاصل الحكم فيهما.
ومع ذلك، فإن تعز تحديداً تعيش حالة من الانقسام الداخلي، حيث يتواجد معارضون شرسون للإصلاح، يفتقرون إلى الغطاء السياسي الذي يمكنهم من التحرك الفاعل.
وهنا يأتي دور المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استغل هذا التصدع ليخترق المشهد، ويستنهض خصوم الإصلاح في تعز، في محاولة لخلخلة نفوذه.
*التحرك الانتقالي: مناورة ذكية أم تسجيل اهداف؟*
رفع أعلام الجنوب في قلب تعز، وترديد شعارات تطالب بطرد "الدحابشة"، لم يكن وليد رغبة شعبية خالصة في الانضمام للجنوب، بل جاء كرد فعل سياسي مناهض للإصلاح. هذه التحركات، وإن بدت شعبية، تحمل في طياتها أهدافًا تكتيكية تهدف إلى إرباك الإصلاح، لا إلى توسيع رقعة الجنوب.
ورغم أن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، لا يُعرف عنه التخطيط لمثل هذه المناورات المعقدة، فإن توقيت طرح فكرة ضم تعز ومأرب جاء كضربة موجعة لخصومه، خصوصًا بعد أن نجح الإصلاح في تعرية الانتقالي إعلاميًا داخل الجنوب، مما أدى إلى تململ شعبي ضده.
*رد الصاع بالصاعين: معركة النفوذ لا الجغرافيا.*
الإصلاح، الذي استطاع اختراق الجنوب إعلاميًا وسياسيًا، وجد نفسه في مواجهة رد فعل انتقالي عنيف، تمثل في محاولة اختراق عمقه في تعز ومأرب.
وبينما نجح الانتقالي في تعز، فشل في مأرب، التي ظلت عصية على الاختراق، ما يعكس أن المعركة ليست حول الجغرافيا، بل حول النفوذ والتموضع السياسي.
ان فكرة ضم تعز وأجزاء من مأرب للجنوب ليست مشروعًا وحدويًا أو انفصاليًا بقدر ما هي مناورة سياسية تهدف إلى إعادة تشكيل موازين القوى.
إنها لعبة شطرنج سياسية، يتحرك فيها اللاعبون وفق مصالحهم، لا وفق إرادة الشعوب.
وبين الضربات الإعلامية والردود الميدانية، يبقى المواطن اليمني هو الضحية الأولى والأخيرة لهذا الصراع المفتوح.