آخر تحديث :الجمعة-10 أكتوبر 2025-04:06م

مايحدث من فقر وفاقة.. أليس نتاجًا لاقتصاد السوق؟!

الخميس - 09 أكتوبر 2025 - الساعة 10:49 م
د. يوسف سعيد احمد

بقلم: د. يوسف سعيد احمد
- ارشيف الكاتب


د. يوسف سعيد أحمد


في هذه الاستراحة القصيرة، أود أن أشير إلى أهمية وعيوب اقتصاد السوق، فقد أصبح العالم يتفق تقريبًا على أهمية وضرورة هذا النظام الذي جاءت به العولمة، بالنظر إلى ما حققه من نمو وتنافسية وكفاءة في استخدام الموارد.


وفي هذا السياق، وعلى الرغم من أن بعض البلدان ذات التخطيط المركزي اضطرت مُرغمة إلى اعتماد اقتصاد السوق، إلا أنها تعمل على ترشيده وإدارته وترويضه، ومحاولة منحه منحًى إنسانيًا مقبولًا اجتماعيًا.


في الغرب، حقق اقتصاد السوق منجزات هائلة أذهلت العالم وأدهشته، سواء من ناحية زيادة الإنتاج والإنتاجية أو التطور العلمي والتكنولوجي المذهل الذي أحدثه. غير أن ذلك ترافق مع بقاء ظاهرة المشردين الذين يفترشون شوارع المدن الكبرى في مشهد يناقض روح التطور.

فهذه الفئات لا تجد مساكن تحميها من شدة البرد، أو تصون كرامتها الإنسانية في مجتمعات لا ترحم. وحتى المستشفيات الخاصة في الغرب لا تقبل المشردين لأنهم غير مسجلين في التأمين الصحي، وهناك من يعيش في سيارته ويتخذها منزلًا له لعدم قدرته على تحمل أقساط السكن، ناهيك عن شراء منزل.


لكن المشكلة أن اقتصاد السوق في الدول الغربية انتقل إلى المجتمع ذاته، فيما يمكن تعريفه بـ”السوق الاجتماعي”، الذي أصبح امتدادًا لاقتصاد السوق.

فقد تباعد الناس، وأصبح الحب والسعادة والحزن وزيارة الأقارب والأصدقاء، بل وحتى التراحم، سلعًا خاصة. أما المروءة والنُبل، فصفات بدوية لا يتشاركها الناس هناك فيما بينهم، إذ يعيش الأفراد في عزلة ضمن عالم الميديا، حتى إن الجار لا يعرف ما يحدث لجاره أو قريبه.


أما في بلادنا، وإن كانت هذه الصفات لا تتواجد بكثرة بفضل التنشئة والتكافل الاجتماعي والإسلامي، إلا أنها بدأت تتقلص. والمفارقة أن ذلك يحدث في ظل غياب اقتصاد السوق ذاته، فماذا سيحدث لو أن الناس انشغلوا بأعمالهم الخاصة وابتعدوا عن الهمّين العام والخاص مع مستوى معين من النمو الاقتصادي والحراك الاجتماعي؟


في مناطق الشرعية، ينشغل الناس اليوم بالحصول على رواتبهم لأنها تمثل المصدر الأساسي والوحيد للعيش، خصوصًا في عدن والمحافظات الجنوبية، حيث اعتمد الناس تاريخيًا على الدولة وما تولده من وظائف.


ومن أجل ذلك، نتمنى أن تتمكن الحكومة من إزاحة هذا الهم الجاثم على نفوس المواطنين، عبر إقناع الشركاء المانحين بخطورة الوضع المعيشي المتفاقم، والعمل على تحقيق الانتصار المستدام في توريد الموارد العامة.


عدن – 9 أكتوبر 2025م