آخر تحديث :الجمعة-10 أكتوبر 2025-04:06م

حضرموت جغرافيًا ليست من الجنوب العربي

الخميس - 09 أكتوبر 2025 - الساعة 01:20 م
د. خالد سالم باوزير

بقلم: د. خالد سالم باوزير
- ارشيف الكاتب


لم يستند الصحفي صلاح السقلدي في حديثه على مصادر موثوقة، كما أنه لم يتحدث عن حضرموت ككيانٍ مستقل قبل الاحتلال البريطاني وبعد الاحتلال بسنوات، أي بعد نحو نصف قرن، توسعت بريطانيا ووصلت إلى حضرموت، حيث وقّعت اتفاقيات مع السلطنتين الكثيرية والقعيطية عام 1888م ..


لقد كانت حضرموت كيانًا مستقلًا لا علاقة لها بالجنوب، وعندما احتلت بريطانيا عدن أطلقت مصطلح South Arabia على جنوب الجزيرة العربية بأكملها، وهي المنطقة التي توسعت فيها بسرعة ..


أما حضرموت، فلم تكن ضمن هذه التسمية مطلقًا ، وقد اطّلعتُ على تقارير "اليمن" المنشورة في اثني عشر مجلدًا للسيدة ليلي دورين إنجرامس، ولم ترد فيها حضرموت ضمن مسمى "الجنوب العربي" في مراسلات الضباط الإنجليز أو المستشارين ..


لقد وقّعت بريطانيا اتفاقيات صداقة ثم حماية ثم استشارة مع حكام المناطق المجاورة لعدن، باعتبارها مناطق محيطة بها. وكان هدفها حماية جنودها أولًا، ثم التوسع في كل الاتجاهات لتتمكن من تطويع الحكام عبر صرف المساعدات والمجاملات، وإطلاق مدافع الترحيب، وتقديم المشاهرات والعطايا ، وكان أول من خضع لذلك السلطان العبدلي، ثم تبعته بقية السلطنات غرب عدن وشرقها، مثل العُقربي وغيره ..


بريطانيا كانت تدرك أن حضرموت منطقة جغرافية معروفة مثلها مثل عمان، وقد تعاملت معها بطريقة مختلفة عن تعاملها مع حكام عدن والمناطق الاثنتين والعشرين التي شكّلت ما سُمّي بـ الجنوب العربي ..


لقد بدأت بريطانيا باستخدام مصطلح "الجنوب العربي" بشكل واسع عندما ظهرت حركات التحرر في المنطقة، ولهذا حاولت تأسيس اتحاد يضم المناطق الواقعة غرب عدن وشرقها، ثم ألحقت عدن به لاحقًا ..


السلاطين الحضارم رفضوا الانضمام إلى ذلك الاتحاد، وقالوا لبريطانيا بوضوح إنهم كيانات مستقلة، تختلف عن غيرها من حيث المساحة الجغرافية والعادات والتقاليد والثقافة. كما أكدوا أنه لا يمكن تمثيل حضرموت في كيانٍ واحد مع سلطنة لحج العبدلية أو الفضلية أو غيرها ..


فشلت بريطانيا في تمرير خطتها في حضرموت، ولأنها كانت تملك القوة، أطلقت على المنطقة اسم المحمية الشرقية، ولم تقل "الجنوب العربي الشرقي" ..


لقد تآمرت بريطانيا على سلطنات حضرموت بسبب موقف سلاطينها الرافضين، ولأن الحضارم نشروا الإسلام السني في شرق آسيا وإفريقيا والهند ومناطق عديدة من العالم ولذلك سلّمت بريطانيا حضرموت إلى الجبهة القومية ودعمتها لإسقاط السلطنات الحضرمية نكايةً بالسلاطين وبالشعب الحضرمي ..


الخلاصة :

حضرموت ليست ضمن الجنوب العربي مطلقًا، لا جملةً ولا تفصيلًا.


غير أن الفترة الناصرية وحركات التحرر آنذاك دفعت بريطانيا إلى ضم حضرموت بالقوة إلى ما سُمّي بـ"جنوب اليمن"، وتآمرت على السلاطين الرافضين للانضمام إلى ذلك الكيان.


بريطانيا كانت تعلم أن حضرموت لم ولن تستقر أو تتجانس مع دويلات وشعوب الجنوب العربي، لأنها درست نفسية الحضرمي التي تختلف تمامًا عن نفسيات وسلوك شعوب الجنوب من يافع والضالع والفضل والعوالق وغيرهم.


الحضارم يتميزون بالحكمة وحسن السلوك ودماثة الأخلاق، وهذا ما يجعلهم مختلفين جملةً وتفصيلًا، وقد قال هاني البيض الحقيقة المرة حين أكد أن حضرموت ليست من الجنوب العربي، وهذه هي الحقيقة الواقعية التي لا غبار عليها.