آخر تحديث :الجمعة-10 أكتوبر 2025-04:06م

الجنوب بين وهم الانتقالي وحقيقة استعادة الدولة: عشر سنوات من التهميش والانقسام السياسي

الخميس - 09 أكتوبر 2025 - الساعة 10:11 ص
محمد عبدربه

بقلم: محمد عبدربه
- ارشيف الكاتب


بقلم / محمد عبدربه


ليس هناك أي خلافات جوهرية في القضية اليمنية من حيث المبدأ، فالجميع متفق على أن الهدف هو استعادة الدولة ومؤسساتها، سواء كانت دولة موحدة أو دولتين كما كانت عليه الحال قبل عام 1990م، زمن دولتي الشطرين. غير أن هذه القضايا المصيرية لم تُناقش حتى اليوم على الطاولة اليمنية بجدية، إذ يهرب الجميع منها، بينما تُوزّع الأموال القادمة من دول التحالف بين أطراف الصراع دون أن تثمر عن أي مشروع وطني حقيقي.


لقد أصبحت القيادة اليمنية السياسية رهينة لقرارات الخارج، وتحوّلت إلى مجرد منفذة لتوجيهاته، رغم أن هذه المسائل ينبغي أن تُناقش داخل مجلس القيادة الرئاسي في عدن، لأنّها شأن يمني خالص، وأهل اليمن أدرى بمصالحهم وكيف يجب أن يُبنى وطنهم.


في الجنوب، ما زالت هناك قوى وأحزاب وطنية ذات رصيد نضالي وتاريخي لم تشارك في حكومة المجلس الرئاسي، مثلما أن هناك قوى شمالية مهمشة أيضًا. كل هذا يجعل من الضروري اليوم رصّ الصفوف وتحقيق إجماع وطني واسع إن كانت هناك بالفعل نوايا صادقة لاستعادة الدولة ومؤسساتها.


القضية الجنوبية، التي يدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي تمثيلها، لم تُناقش بعمق أو بصدق لا من الانتقالي نفسه، ولا من مجلس الحراك الجنوبي، ولا من بقية الأحزاب اليمنية. كل ما يُدار حاليًا هو استثمار سياسي وتسويق إعلامي تُدار تفاصيله في غرف مغلقة بعيدًا عن هموم الناس وقضيتهم الحقيقية، ويتحكم به مجموعة محدودة من القيادات الانتقالية التي حولت القضية إلى وسيلة للنفوذ السياسي لا أكثر.


هناك قوى جنوبية تم تهميشها وإقصاؤها عمدًا، ومن هنا يتولد الخطر الأكبر: أن يُعاد إنتاج صراع جنوبي – جنوبي جديد، وهو ما سيشكل تهديدًا كبيرًا للمنطقة بأكملها. إن الخطأ الأكبر الذي ارتُكب بحق الجنوب خلال السنوات العشر الماضية كان من قبل الانتقالي نفسه، الذي انشغل بالمناصب والولاءات، وأبعد كثيرًا من الشخصيات الوطنية الصادقة.


لقد فقد المجلس الانتقالي بريقه الشعبي بعد أن تحوّل إلى كيان إداري منغلق، يتحدث باسم الجنوب دون توافق حقيقي، ويمارس سياسات لا تعبّر عن تطلعات الناس ولا عن قضيتهم العادلة. فالمواطن الجنوبي اليوم يعاني من التهميش وغياب الخدمات، فيما تستمر القيادات في الخلافات والصراعات البينية.


إن شعب الجنوب اليوم يدرك الحقيقة: أن الانتقالي ليس مشروع دولة، بل كيان سياسي مأزوم يحتاج إلى مراجعة شاملة، وإلى إشراك كافة القوى الجنوبية في تقرير مصير الجنوب على أساس الشراكة والعدالة والمواطنة المتساوية.


ختامًا، فإن الحل لا يكون إلا بتوحيد الصفوف بين جميع القوى اليمنية المؤمنة بالسلام والعدالة والمواطنة، شمالًا وجنوبًا، لتجاوز مرحلة الفوضى والانقسام، والعودة إلى مشروع وطني جامع يعيد لليمن كرامته ووحدته وإنسانيته.