لم يقتله السرطان وحده، بل ربما كان الخذلان أشد فتكاً بروحه من المرض الذي أنهك جسده.
الكابتن عادل الملصي، أحد أبرز الكوادر الرياضية في اليمن، خريج الجزائر ومتخصص في لعبة رفع الأثقال ومدرب لذوي الاحتياجات الخاصة، غادر هذه الدنيا مثقلاً بالألم، بعدما اكتشف أنّ ابسط حقوقه في العلاج ظل يتأرجح بين مكاتب وزارتي المالية والرياضة بصنعاء .
أكثر من نصف عام، قاوم قسوة المرض، وكل ما حلم به بعد -رحمة الله- تذكرة سفر ومبلغ زهيد يمنحه (أولاد القـحب…) فرصة للتمسك بالحياة. لكنه لم يجد سوى أبوابٍ موصدة وملفٍ عالق في الأدراج، يتنقل بتوجيهات روتينية تتجاوز تقاريره الطبية، بينما كان السرطان ينهش جسده يوماً بعد آخر، حتى أسدل ستاره الأخير على حياته، وملف المساعدة ما زال حبيس صندوق النشء.
كيف يمكن لإنسان يحتضر أن يُقابل بمماطلة؟ وأي قلوب تلك التي تجرّدت من الرحمة، ووقفت عاجزة عن مد يد العون لرجل يُصارع الموت أمام أعين الجميع في وقت تصل فيه مداخيل صندوق الوزارة المنهوب في صنعاء فوق الـ 15 مليار سنويا؟
مفارقة مؤلمة أن تتوقف الأنشطة الرياضية في البلاد منذ عامين؛ لا بطولات محلية ولا مشاركات خارجية. وهو ما يعني، وفق المنطق، أن الأموال لم تُستهلك وكان من الممكن توجيهها لإنقاذ حياة الملصي. لكن ما لم يكن متوفراً حقاً هو الضمير الحي، وما غاب لم يكن المال بل الإنسانية والرحمة.
مات الملصي ورحل عند ربه ، ولا زالت المساعدة تنتظر فتوى الإفراج بين ادراج أولاد الشـ..وارع !