آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-04:01م

كيف استقبل الشارع المؤتمري خطاب أحمد علي؟

الثلاثاء - 30 سبتمبر 2025 - الساعة 03:25 م
غمدان ابواصبع

بقلم: غمدان ابواصبع
- ارشيف الكاتب


لم يكُد السفير أحمد علي عبدالله صالح يكمل خطابه الموجّه إلى الشارع اليمني عموماً والمؤتمريين خصوصاً عبر قناة اليمن اليوم بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر، حتى برزت ردود فعل واسعة داخل القاعدة الشعبية للمؤتمر الشعبي العام تعكس تفاعلاً متبايناً مع الرسائل، لا سيما وأن هذه الرسائل استثنت القيادات الحالية داخل الحزب.


في المقال السابق ركّزتُ على أهم ما تضمنه خطاب أحمد علي، وقلتُ إنّه لم يكن مجرد احتفاء بالثورة والجمهورية، بل حمل إشارة ضمنية لتجاوز القيادة الحالية للمؤتمر. هذه القراءة لم تأتِ من فراغ؛ ففشل بعض القيادات في حمل مسؤولياتها تجاه الحزب سواء أولئك الموجودون في صنعاء أو الخارج وهروبُهم من حشد الجماهير في مواجهة مليشيا الحوثي، كل ذلك غذّى شعور القاعدة بأن المؤتمر يعيش فراغاً قيادياً يستدعي وريثاً رمزياً يعيد له دوره.


بشكل واضح، أعاد خطاب أحمد علي الحراك الشعبي داخل المؤتمر وجعل الشارع يتجاوب مع رسائله الرمزية، متجاوزًا عبر خطاب مباشر إلى الجمهور القيادات الحالية التي تراجع اتصالها بالقاعدة الشعبية وفقدت الكثير من مصداقيتها في عيون المؤتمريين.


الاستجابات الشعبوية والمؤتمريّة توزعت بين ترحيب حار بعودة رمزية قد تنقذ الحزب من الجمود، وتوجس من احتمال انزلاق الصراع إلى مواجهات داخلية، وبين تشكك في قدرة الخطاب الرمزي على الترجمة إلى خطوات عملية ملموسة. لكنّ العامل الجوهر هو أن الشارع لم يعد يقرأ المشهد بمنطق التنظيم الرسمي فحسب؛ بل بمنطق الدولة والقيادة الوطنية.


في النهاية يفرض الخطاب أسئلة جوهرية: هل ستنجح القيادة الحالية في الاحتفاظ بشرعيتها التنظيمية وسط موجة شعبيّة تتجه نحو الوريث الرمزي؟ وهل يستطيع أحمد علي تحويل هذه الشرعية الرمزية إلى مشروع سياسي واضح يعيد وحدة الحزب ويضعه في قلب المشهد الوطني كقوة فاعلة؟


الشارع المؤتمري الآن يراقب ويقارن بين الرمزية التاريخية والحاجة الواقعية، بين الولاء للماضي ومطالبة بالحاضر، بين الحذر السياسي والطموحات الشعبية. يبقى السؤال الكبير مفتوحًا: إلى أي مدى ستتجلّى هذه الرسائل المبطنة أثرًا حقيقيًا على مستقبل المؤتمر؟


وأنا شخصياً ورغم أنني لست منتميًا للمؤتمر بل محسوب على اليسار أقف جانب أحمد علي. ليس لأنه وريث زعامة الحزب فحسب، بل لأنه يبدو لي الشخص الوحيد القادر بقوته الرمزية على توحيد المؤتمر وإعادة نفض الغبار عنه بعدما أخفقت قيادات كثيرة في الحفاظ على موقعه ومكانته. الشارع اليمني لا ينظر إليه فقط كزعيم حزبي، بل كخيارٍ ممكن لاستعادة مسار الدولة والتخلص من تبعات الحوثية.