لا يمكن تجاهل حقائق التاريخ بردّات الفعل الآنية أو بمحاكمة الوقائع خارج نطاقها التاريخي من خلال نظرتنا للأحداث من منظور اليوم.
ولذلك ستظل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة عام 1962م ثورة شعب أخرجته من تحت الأرض إلى فوق الأرض، وصدق الشاعر الكبير الشهيد محمد محمود الزبيري حين قال:
يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.
وهي وإن كانت شرارتها الأولى قد صنعتها بنادق الضباط والجنود الأحرار في الجيش اليمني، إلا أن الشعب اليمني كله من الشمال إلى الجنوب قد التف حولها من اليوم الأول، باعتبارها المنقذ له من حكم سلالي متخلف جعل اليمن ترزح في ظلام العصور الوسطى.
وكان لمساهمة الأبطال من أبناء الجنوب دور كبير في الدفاع عن الثورة وتثبيت النظام الجمهوري، والذين تقاطروا بدافع الوطنية للدفاع عن الثورة السبتمبرية من يافع وردفان والضالع والصبيحة والحُوطة وتُبن والمَسيمير وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وغيرها، صانعين بذلك أمجاداً بطولية سطّرها التاريخ اليمني وستظل خالدة وباقية في ذاكرة الأجيال.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أو يقلل من دور مصر العظيم وزعيمها الخالد جمال عبدالناصر، فلولا الدعم المصري السخي لسقطت الثورة والجمهورية بأيدي الملكيين الإماميين، كما سقطت ثورة 1948م بيد الإمام أحمد.
ولم يمض عام حتى تفجرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م في جنوب الوطن من أعالي جبال ردفان الشامخة، ووجدت في ثورة سبتمبر العمق الاستراتيجي المؤمن لها، ومن الدعم المصري عوناً في مقارعة أعتى قوة استعمارية في العالم، بريطانيا العظمى.
وانتصرت هذه الثورة بعد أن قدّمت قوافل من الشهداء الخالدين الذين سقطوا في ميادين الشرف والكرامة على مدى أربعة أعوام من الكفاح المسلح.
وكانت مدينة عدن الباسلة هي مركز هذه الثورة التي شارك فيها العمال والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والنساء والطلاب والصحافة العدنية، حتى تحقق الاستقلال الناجز في 30 نوفمبر 1967م.
المجد والخلود لثورة سبتمبر في ذكراها الـ63،
والمجد والخلود لثورة الرابع عشر من أكتوبر في ذكراها الـ62،
والرحمة والخلود لشهداء سبتمبر وأكتوبر.
أحمد عبدالله المجيدي