آخر تحديث :الأحد-19 أكتوبر 2025-03:05ص

ترامب وهرمجدون "الموقف الأوروبي في مواجهة الرؤية الأمريكية"

الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 - الساعة 08:22 م
احمد سالم فضل

بقلم: احمد سالم فضل
- ارشيف الكاتب


يبدو أن عودة مشهد الربيع العربي إلى الواجهة لا تنفصل عن طبيعة المواقف الدولية المتباينة، خصوصاً بين أوروبا والولايات المتحدة. ففي حين حاولت العواصم الأوروبية التعامل مع هذه التحولات بقدر من البراغماتية والبحث عن حلول سياسية متوازنة، اتجهت واشنطن – لاسيما في عهد الرئيس دونالد ترامب – نحو رؤية أكثر خطورة، تحمل في جوهرها بُعداً دينياً وأيديولوجياً متطرفاً.

ترامب لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل رئيس مدفوع باعتقادات ذات صلة بنبوءات دينية توراتية وأساطير قديمة لا يسندها أي بُعد علمي أو إركيولوجي. أخطر هذه المعتقدات هو الإيمان بمعركة "هرمجدون" التي يتصور أن نهايتها ستُشكل ملامح النظام العالمي الجديد عبر حرب كونية ثالثة.

المؤشرات التي شهدناها خلال العقد الماضي تؤكد أن الإدارة الأمريكية سعت لترجمة هذه الرؤى إلى سياسات ميدانية. ولتحقيق هذه الغايات، رأت واشنطن أن عليها السيطرة على "أرض الأديان" الممتدة من حدود إيران حتى مصر. هذه السيطرة لم تأتِ عبر احتلال مباشر، بل من خلال إذكاء النزاعات الطائفية وإشعال الحروب الداخلية، بما يؤدي إلى تفكيك الدول إلى كيانات متناحرة تتوزع على أكثر من ثلاثة أجزاء.

البداية الفعلية لهذا المشروع تجسدت بسقوط بغداد عام 2003، لتتوالى بعدها موجات الفوضى والحروب التي لم تنطفئ حتى اليوم. وهنا يظهر التناقض الجوهري بين الرؤية الأمريكية القائمة على توظيف الميثولوجيا في صناعة السياسة، والموقف الأوروبي الذي – رغم ارتباطه بالمصالح – لا يشارك واشنطن هذه النزعة الدينية المتطرفة.

إن إدراك خطورة هذا المشروع لا يقتصر على فهم جذوره الدينية أو خلفياته السياسية، بل يستدعي أيضاً قراءة واقعية لمسار التحولات في منطقتنا، حيث يجري العمل على إعادة رسم الخرائط على حساب استقرار الشعوب ومستقبلها.