آخر تحديث :الجمعة-31 أكتوبر 2025-12:14ص

المجلس الانتقالي وشجرة الرمان

الأحد - 21 سبتمبر 2025 - الساعة 12:02 م
أنيس علوه

بقلم: أنيس علوه
- ارشيف الكاتب


قد يتساءل القارئ عن سبب ربطي لشجرة الرمان بالمجلس الانتقالي الجنوبي وهي حكاية خاصة بي بحكم انني من المناصرين للمجلس منذ ولادته فعندإعلان تأسيس المجلس الانتقالي في الخامس من مايو 2017م من شدة فرحتي ونشوتي بذاك الإعلان زرعت غرسة رمان بمنزلي مؤملاً عند كبر تلك الغرسة وتصبح شجرة تثمر فاكهة الرمان يكون لدي اكتفاء ذاتي من الرمان يغنيني عن الرمان الصعدي ان تم فك الارتباط للجنوب عن الشمال

التف حولي ابناء الجيران عند غرس الشجرة ووعدتهم ان يكون لهم نصيب من الشجرة عند نضوج ثمرها وكانت فرحة الطفولة وبراءتها تضيء وجوه ابنائي و ابناء الجيران


كبرت شجرة الرمان وبدت ازهارها الحمراء تكسي بقع منها واطفالي واطفال جيراني يتقافزون ويصيحون من الفرحة ٠٠٠تفتحت ازهارالرمان ٠٠٠٠ متعشمين ان تصبح تلك الأزهار الحمراء بعد مدة ثمار رمان ناضجة يتذوقونها ويتلذذون بطعمها

ولكن يا فرحة ماتمت بدت تلك الزهرات الجميلة الحمراء يوماً بعد يوم تنكمش وتتساقط ووتساقط معها احلامنا انا والصبية الذين اصابتهم الحسرة لتتبخر احلامهم بتذوق رمان شجرتي

بعد ان رايت الانكسار في وجوه الصبية وقفت فيهم خطيباً ووعدتهم ان يتذوقوا ثمار شجرتي الموسم القادم

مرت الايام والشهور وعند ما راى الصبية ظهور اول زهرة رمان لشجرتي جاءوا مهرعين يقرعون باب بيتي يا عم ٠٠٠٠ زهرة الرمان ظهرت على شجرتك وخرجت معهم لمشاركتهم الفرحة لرؤية زهرة الرمان الجميلة

يوماً بعد يوم اكتست الشجرة بزهرات الرمان ولكن سرعان ما تساقطت تلك الزهرات كالعام السابق واحضر لي الصبيان عدد منها وهكذا عام بعد عام وموسم بعد موسم وازهار شجرة الرمان تتساقط وتتساقط معها احلامي واحلام الصبية الذين صاروا اليوم شباب يافعين وما زلت اوعدهم واعشمهم بتذوق ثمار رمان شجرتي إلا انه اصابهم الاحباط والياس من تذوق ثمار تلك الشجرة بعد ان كبرت عقولهم واصبحت لهم تجربة سنوات مع شجرتي فطلبوا مني قلعها وزرعة شجرةمثمرة اخرى بدلاً عنها إلا ان تعصبي وتمسكي بشجرتي والعشرة والماء بيننا منعني من ذلك فقد سحرتني بزهراتها الحمراء الغير مثمرة كل موسم

ذكرتني شجرتي الرمان بتوأمها المجلس الانتقالي فمنذ تاسيسه ونشأته ومع كل موسم خطابات وقرارات براقة ولماعة كحمرة زهرات شجرتي الرمانة لا تعطي ثمراً بل يتجرع الشعب الجنوبي بسببها مرارة العيش وضنكه


ما يقارب العقد ومع كل زيارة وعودة مؤسمية للعاصمة عدن تتحفنا قياداتنا بخطابات وقرارات موسمية بفك الارتباط وتحسين الخدمات و سبل العيش الكريم للشعب الجنوبي ولم نلتمس كشعب إلا البؤس والحوع والمعاناة وتردي الخدمات عاماً بعد عام

قرارات بتشكيل لجان اقتصادية ولجان حوار ولجان رقابة ومتابعة بدعوى التخفيف من المعاناة لم يجنِ الشعب الجنوبي منها إلا ما جناه صبيتي من حمرة زهرات شجرة الرمان المتساقطة


دخول في شراكة مناصفة مع من نسميهم اعداء الجنوب بحجة ان يكون لنا كجنوبيين كلمة في صنع القرار جنينا طوال مواسم تلك الشراكة والمناصفة بكائيات وتغريدات عبدالناصر الوالي وسخط وحنق قياداتنا وسفرهم إلى ابوظبي

من حقنا كشعب ان نتساءل عن ما ننتظره من موسم القرارات والتعيينات الجديدة لوكلاء محافظين ووزارات هل هي لتمكين الجنوبيين من إدارة الجنوب وارضه ام هي مجرد تقاسم مناصب مع العليمي وشلته لاناقة لنا فيها ولا جمل كشعب ولن نجني منها إلا شوك معاناة ما جنيناه من سابقاتها من قرارات تشكيل اللجان الاقتصاديةوالرقابية والحوارية والشراكة والمناصفة التي لم نتذوق من ثمارها كشعب الا المر والعلقم


ما يحسب للانتقالي من ثمرة انه استطاع ان يجعل له قواعد وانصار يلتفون حوله في كل منطقة ومديرية ومحافظة على امتداد الجنوب يؤمًنون لكل القرارات والتعيينات الموسمية التي تتخذها قيادته العلياء ولا تتساءل تلك القواعد عن ثمرة تلك القرارات والتعيينات ونتاجها كصبية شجرتي رغم ان تلك القرارات والتعيينات لم تنتج اي ثمرة ملموسة على ارض الواقع للشعب الجنوبي بل زادت من معاناته وآلمه وحصاره


ما استخلصته من تجربتي مع شجرة الرمان والمجلس الانتقالي طول ما يقارب العقد ان ليس كل مواطن مزارع وليس كل ثائر رجل دولة فللزراعة رجالها وللدولة رجالها وللثورة رجالها