آخر تحديث :الأحد-26 أكتوبر 2025-01:35م

السعودية 2025.. دهشة العالم وصناعة الغد

الثلاثاء - 16 سبتمبر 2025 - الساعة 10:43 م
صلاح الطاهري

بقلم: صلاح الطاهري
- ارشيف الكاتب


إذا كانت الكرة الأرضية تحتفل بالتحولات الكبرى، فإن السعودية فى 2025 ترفع شعار: "لماذا ننتظر الآخرين لنصنع المستقبل؟" المملكة التي لطالما عرفناها بالثروة والنفط، تتحول اليوم إلى معمل تجارب عملاق للتجديد والإبداع، يمزج بين الإقتصاد، الثقافة، التكنولوجيا والسياسة بطريقة تجعل أي مراقب غربي أو شرقي يفتح فمه بدهشة ويدقق في التفاصيل.

ومن خلال كوني صحفي ومهتم بالشأن السعودي ومتابعتي لمعظم المتغيرات والمستجدات في الشقيقة السعودية

فإن فى هذا العام، إستضافت الرياض القمة السعودية الأمريكية، التي لم تكن مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل عرضاً إستعراضياً للنفوذ والشراكات الذكية، حيث شهدت توقيع إتفاقيات ومذكرات تفاهم جعلت الجميع يتساءل

هل هذه السعودية التي نعرفها، أم نسخة مطورة منها تحمل بصمة المستقبل؟

ومن الطريف أن هذه الشراكة، رغم قوتها، لم تمنع المملكة من لعب أوراقها الإقليمية بحنكة، فقرار دعم سوريا بمليون وستمائة وخمسين ألف برميل نفط جاء كرسالة دبلوماسية واضحة

السعودية تعرف كيف توازن بين مصالحها وإعادة كتابة المشهد الإقليمي لصالح الإستقرار، أو على الأقل لصالح الفائدة الذكية.


أما على الصعيد الثقافي، فقدمت الرياض موسماً غير مسبوق، حيث مزجت بين الملاكمة، عروض الموسيقى الإلكترونية، التنس المحترف، والكوميديا، وصولًا إلى أول عرض WWE Royal Rumble فى المملكة. وكأن السعودية تقول للعالم: "نحن لا نبتكر فقط فى الاقتصاد والسياسة، بل فى طريقة تسلية شعوبنا وعالمنا، وربما بهذا نؤكد أن الترفيه يمكن أن يكون دبلوماسية خفية.

أيضاً التحديث العمراني والتكنولوجي لم يكن أقل إثارة. مشاريع المدن الذكية والبنى التحتية الضخمة، بالإضافة إلى تصدر السعودية مؤشرات الأمن السيبراني عالمياً، جعلت المملكة تبدو وكأنها تملك عصا سحرية تحول التحديات إلى إنجازات، وكأنها تقول لكل من يراقب "هذا هو المستقبل، ونحن أول من يكتب فصوله"

لكن، وبقدر ما تبدو الصورة براقة، فإن السعودية لم تنس تحدياتها الإقليمية، خصوصاً فى ظل التوترات مع إسرائيل، حيث تذكر العالم بأن الطموح لا يعني التنازل عن المواقف الثابتة، وأن القوة الحقيقية تكمن في الموازنة بين الإنجازات الداخلية والإلتزامات الإقليمية.

باختصار، السعودية فى 2025 ليست مجرد دولة غنية بالنفط أو المشاريع، إنها دولة تحترف صناعة الحدث، ولديها القدرة على تحويل أي تحدي إلى بطاقة دعوة لمستقبل أكثر إشراقاً. ككاتب يُراقب المشهد عن قرب، أرى أن المملكة اليوم تعلمنا درساً مهماً الطموح ليس اختياراً، بل أسلوب حياة، والأناقة فى الإنجاز هي الطريق للعبور إلى مصاف القادة العالميين الذين يكتبون التاريخ بلا إنتظار.