في زمن تتشابك فيه الأزمات وتتعاظم فيه التحديات، يصبح النقد أداة ضرورية لتصحيح المسار، شرط أن يكون نقدًا مسؤولًا وبنّاءً. لكن ما يوجه لمحافظ أبين، اللواء أبوبكر حسين سالم، من حملات انتقاد متزايدة، يطرح تساؤلات حول طبيعة هذا النقد، وأهدافه، ومدى ارتباطه بالواقع المعقد الذي تعيشه البلاد.
* النقد البنّاء ضرورة.. لكن التهجم خطر*
لا خلاف على أن النقد البنّاء هو ركيزة التطوير، فهو يسلط الضوء على الأخطاء ويقترح البدائل. غير أن ما يُوجَّه اليوم نحو اللواء أبوبكر حسين من بعض الناشطين لا يندرج ضمن هذا الإطار، بل يتخذ شكلًا من أشكال التهجم العائم، غير المحدد، الذي يفتقر إلى الموضوعية ويغيب عنه أي تصور للحلول أو البدائل.
في ظل هذا الواقع، يصبح النقد للنقد مجرد ضجيج لا يُفضي إلى إصلاح، خصوصًا حين نعلم أن المشهد السياسي اليمني برمّته مرهون بإرادة خارجية، وأن المسؤولين المحليين غالبًا ما يكونون أدوات في رقعة شطرنج لا يتحكمون فيها.
* سجل المحافظ: بين الاتهامات والإنجازات*
منذ توليه قيادة محافظة أبين، لم يُسجل على اللواء أبوبكر حسين أي تجاوزات بحق المواطنين، ولم يُعرف عنه تعامله بردود فعل انفعالية تجاه الانتقادات. بل على العكس، يُشهد له بتحمّل الضغوط بصدر رحب، وبساطة في التعامل نابعة من خلفيته الريفية النقية.
وقد أشار تقرير محلي إلى أن المحافظ تمكن خلال سنوات قيادته من إعادة تطبيع الحياة العامة في المحافظة، وتفعيل الخدمات الأساسية، وإنشاء جامعة أبين، والسعي لتنفيذ مشروع سد حسان الاستراتيجي بدعم إماراتي⁽¹⁾.
هذه الإنجازات، وإن لم تكن كافية لحل كل الأزمات، إلا أنها تعكس جهدًا ملموسًا في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة.
* هل البديل أسوأ؟*
التاريخ اليمني الحديث لا يبعث على التفاؤل في ما يخص التغييرات القيادية. فكلما طالب الشعب بالتغيير، جاء البديل أكثر سوءًا، كما حدث بعد رحيل الرئيس علي عبدالله صالح، ثم عبد ربه منصور هادي، وصولًا إلى رشاد العليمي، الذي وُجهت له انتقادات واسعة بتكريس المحسوبية وتوزيع المناصب على المقربين⁽²⁾.
في هذا السياق، يخشى كثيرون أن يؤدي الضغط غير المدروس على محافظ أبين إلى تغييره ببديل قد لا يحمل الحد الأدنى من الكفاءة أو النزاهة، وهو ما قد يُفاقم معاناة المحافظة التي لا تحتمل المزيد من الفوضى أو الجهالة.
* كلمة أخيرة*
المرحلة تتطلب نقدًا مسؤولًا، لا تهجمًا غوغائيًا. تتطلب وقوفًا وطنيًا إلى جانب من يحاول الإصلاح، لا دفعه نحو الاستقالة أو الإقصاء. فأبين، التي دفعت ثمنًا باهظًا في سنوات الحرب، تستحق قيادة مستقرة، ومجتمعًا واعيًا، ونقدًا يهدف إلى البناء لا الهدم.