آخر تحديث :الجمعة-19 سبتمبر 2025-01:41ص

تأخير صرف الرواتب لثلاثة أشهر لعبة سياسية لا ازمة اقتصادية

الثلاثاء - 16 سبتمبر 2025 - الساعة 08:00 ص
جمال مسعود

بقلم: جمال مسعود
- ارشيف الكاتب


منذ أن سنت التشريعات المالية في البلاد قبل الوحدة وبعدها وأثناء الحروب والأزمات والنكبات والكوارث يظل بند الرواتب والأجور ( البند الأول ) محصنا تحصينا منيعا وفقا للأعراف والعادات التقليدية والتشريعات القانونية والعلاقات الدولية وكل النظم المتعارف عليها في العالم

الأجور والمرتبات بند في الموازنة يتم رصد قيمته المالية لعام مالي ويتم فرزه جانبا ليصرف منه القسط الشهري بتاريخ محدد سلفا لكل المستحقين له احياء وامواتا ، لايمس منه رئيس ولا وزير ولا مدير ولا حارس ولا حتى نصاب أو مختلس فهو محصن شديد التحصين


مد اليد لبند الرواتب وتأخير صرفها شهرا بعد شهر والبسط عليه لثلاثة أشهر فكرة كانت متداولة بين الأوساط السياسية لتوفير مخصصاتهم المتعثرة الصرف ، وقبل أكثر من ثلاث سنوات تقريبا وكان الضرر المسبب للعجز الناتج عن مد اليد والبسط المحرم يرحل من شهر لآخر بسبب عدم جرأة الأطراف السياسية على الاصطدام مع الموظفين المدنيين بعد نجاح السياسة في تأخير رواتب العسكريين وتوقيفها عاما كاملا فيما سبق وصارت المتأخرات المتراكمة منسية ومديونية معلقة لدى الحكومة دخلت بها ضمن الأزمات المتكدسة في ملفات التداول السياسي للأزمة اليمنية


اليوم وبعد أن تأكد للسياسيين أن معاناة الشعب وفئة الموظفين بالذات أرهقت تماما وبشكل كبير جدا ، ولم يعد بمقدور المكونات الناشطة مجتمعيا كالنقابات والاتحادات والجمعيات تحريك الشارع ، وتبين للسياسيين الموت السريري الثوري المطالب بالحقوق ، شعرت القوى السياسية اليوم بأن الوقت مناسبا لتحريك أزمة الرواتب لثلاثة أشهر بعد الترحيل من شهر لآخر طيلة الفترة السابقة.


اليوم وبعد دخول شهر سبتمبر ضمن الأشهر المتعثرة ليصير يوليو اغسطس سبتمبر ثلاثة أشهر لم تصرف رواتب الموظفين فيها تحت مبررات لم يكن الغرض منها سوى تضليل الرأي العام بأن الأزمة المالية تطورت كثيرا ودخلت بند الرواتب فيها نتيجة عدم قدرة البنك المركزي اليمني في عدن على توفير فاتورة الرواتب المتراكمة لتصبح الاشهر الثلاثة الفائتة مديونية متعثرة السداد ، وقد تتوقف عند هذا الحد أن لم تتفاقم أكثر العام القادم ويدخل شهرا رابعا في المديونية لكن هذا مستبعد لأن المتوقع أن تعود إجراءات صرف الرواتب في شهر أكتوبر نوفمبر ديسمبر بعد تعليق صرف الثلاثة الأشهر المتعثرة والتي لم تجد ايا من الكيانات الممثلة للعمال والموظفين كالنقايات أن تحقق في ذلك وتتعرف على أسباب تعثر الحكومة في صرفها بموعدها


اليوم وبعد أن تأكد للقوى السياسية أن لا أحد يقوى على التحرك ضدها ويسالها عن أسباب عدم صرف الرواتب لثلاثة أشهر واين ذهبت المخصصات المالية في هذا البند ومن الجهة التي استخدمته واستنفذت موارده المخزونة في البنك من إيرادات الدولة أو من ودائع الأشقاء تجرأت وافصحت عن حجم الضرر الذي لحق بالمالية العامة للدولة متجاهلين أن الرأي العام على اطلاع بحجم الدعم المالي لبند الرواتب عبر ودائع الأشقاء

.

برنامج الإصلاحات الاقتصادية المعلن عنه الشهر الفائت والذي ظهرت نتائجه في تثبيت سعر صرف العملة على ٤٢٥ريالا يمنيا للريال السعودي والذي به تم خفض الأسعار نسبيا وتحسنت حركة بيع السلع نوعا ما ، والغريب في هذا النوع من إجراءات الإصلاح الاقتصادي أن الموظفين لم يشعروا به إطلاقا بسبب عدم استلامهم للرواتب


ياترى من باستطاعته فتح ملف الرواتب والبحث والتحقيق في أسباب توقفها سواءا تلك التي مست مستحقات العسكريين من سابق والمعلقة منذ ما بعد الحرب والمنسية

ومن سيبحث عن أسباب عدم صرف رواتب اشهر يوليو واغسطس وسبتمبر وادخالها في بند الديون المتراكمة لدى الحكومة ..!! وكيف ستسددها في ظل العجز الذي أعلنت عنه بالإضافة إلى عدم قدرتها على جمع الإيرادات وإغلاق الحسابات الحكومية المخالفة والمتجاوزة للنظم والقوانين في مكان الإيداع دون محاسبة أو ردع لكل من تخلف عن توريد الأموال إلى المكان المخصص بها وهي خزينة البنك المركزي اليمني في عدن ولا سواه


هناك تراخي غير مبرر وتغاضي عن انتهاكات صارخة للنظم والقوانين غير مألوفة تعرض المالية العامة للدولة للتدمير وتجعل من البنك المركزي اليمني في عدن صرح هش غير محترم وبدون شخصية مالية اعتبارية ، وعاجز عن بسط سلطته على الأوعية المالية المختلفة في كل أرجاء الوطن وتسرب النقد المحلي والاجنبي من خزينته وتكديسه خارج النظام والقانون المالي للبلد في خزائن المصارف والبنوك التجارية في الداخل والخارج كاغرب إيداعا وطنيا للأموال من قبل أبناء الوطن أو مؤسساته دون مراعاة للأضرار بمصالح البلد وتعطيل قدراتها وإضعاف جبهتها الداخلية وعدم صرف الرواتب الإلزامية للموظفين لثلاثة أشهر أساليب لا يمكن فصلها عن المغامرة المستهترة بمصالح الشعب


ان انتهاك بند الرواتب سواء مايتم جمعه وتحصيله من الايرادات المنضبطة للبنك المركزي أو من الودائع المقدمة من الأشقاء لدعم بند الرواتب . جريمة مسكوت عنها فمن الذي مد يده وأخذ من هذا البند . وكيف .. ومتى .. ولماذا .. ؟

ولماذا تتغاضى أيضا كل الأجهزة المحاسبية والرقابية عن قضية صرف الرواتب لثلاثة أشهر ، وما مبرر السكوت عن التهديدات التي تمس أمن الوطن والمواطن في الاعتداء على الموارد وتجريع الشعب أزمات مالية وصلت حد التطاول على البند المخصص للرواتب وهو بند محصن مغلقة أبوابه من كل الأوجه ولا يسمح لأي كان أن يسحب منه ريالا واحد ليفاجأ موظفي الدولة بأن بند الرواتب في خزينة البنك المركزي اليمني في عدن صفرا وفارغة من السيولة النقدية وتعجز عن صرف مرتبات الموظفين ناهيك عن الحوافز والاستحقاقات الأخرى كالتسويأت والعلاوات وعدم الربط النقدي والمالي بين تحسن سعر الصرف بنسبة ٤٠٪ يفترض أن تواكبه انخفاضات في الفوارق بفاتورة الرواتب لشهر اغسطس وسبتمبر الحالي كما هو متوقع .. فماذا يحصل إذن . ؟


لم لا تفتح النقابات العمالية حلقة نقاش عميقة وبشجاعة تامة وتستضيف ممثلين عن البنك المركزي اليمني في عدن ووزارة المالية ومناقشتهم علنا دون تحفض وبشفافية تامة بقضية أزمة الرواتب ليقف الشارع الجنوبي والرأي العام والعمال والموظفين أمام حقيقة الأزمة وأسبابها ونتائجها ويضع الجميع أمام المشهد للخروج من دائرة التضليل والتعتيم والتجهيل والاستغفال وعدم الاعتبار لحق النقابات في الحصول على المعلومة الدستورية والقانونية لأسباب الازمات وتداعياتها وطرق التعامل معها وسبل السلامة والنجاة من المخاطر كتلك التي مست رواتب الموظفين لثلاثة أشهر دون أن يكون لدى النقابات والعمال ابسط المعلومات عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك .

فهل نتوقع أن تقتحم النقابات اسوار التجهيل والاستغفال لحقها في الحصول على المعلومة كما هي ، لا بحسب الترجمه المقدمة من صناع الأزمة المالية والمتسببين بها ايا أكانوا