في خضم التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة، أعلنت كتائب القسام عن انطلاق سلسلة عمليات تحمل اسمًا لافتًا: *"عصا موسى"*. الاسم ليس مجرد عنوان عسكري، بل يحمل في طياته دلالات دينية وتاريخية عميقة، تستحضر قصة النبي موسى عليه السلام مع فرعون، الطاغية الذي علا في الأرض وظن أنه لا يُقهر، قبل أن تأتي لحظة الغرق في البحر، إيذانًا بنهاية جبروته.
عصا موسى، في الموروث الديني، لم تكن مجرد أداة، بل كانت تجسيدًا لمعجزة إلهية قلبت موازين القوة، وكشفت زيف السحرة، وشقت البحر للمستضعفين، ثم كانت سببًا في هلاك الطغاة. واليوم، تعود هذه الرمزية إلى الواجهة، ولكن في سياق مقاوم جديد، حيث اختارت كتائب القسام هذا الاسم لتطلق سلسلة عمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، في إشارة واضحة إلى أن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل تحمل أبعادًا عقائدية وتاريخية.
*الطغيان يتكرر... والمقاومة ترد*
في المشهد الراهن، يرى كثيرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجسد صورة الطغيان المعاصر، من خلال سياسات القمع والعدوان، التي لا تفرق بين مدني ومقاتل، ولا بين طفل وشيخ.
ومع ذلك، فإن المقاومة الفلسطينية، عبر عمليات "عصا موسى"، تسعى إلى قلب المعادلة، وتوجيه رسالة مفادها أن الغطرسة العسكرية لا تصنع نصرًا، وأن الحق، مهما طال انتظاره، له لحظة فاصلة لا بد أن تأتي.
*وعد الله لا يُخلف*
في خضم هذا الصراع، يتشبث الفلسطينيون والمناصرون لقضيتهم بوعد الله بنصرة الحق، مستشهدين بقوله تعالى: _(وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ)_ ، في إشارة إلى أن الطغاة مهما بلغوا من القوة، فإن سقوطهم قد يأتي من حيث لا يحتسبون. وهنا، تتحول "عصا موسى" من مجرد اسم عملية إلى بشارة بقرب الفرج، وتحرير الأقصى، وانتصار المستضعفين على من ظنوا أنهم فوق الحساب.
في ظل استمرار العدوان، تبقى عمليات "عصا موسى" أكثر من مجرد رد فعل عسكري؛ إنها رسالة رمزية، عقائدية، وتاريخية، تعيد إلى الأذهان أن الطغيان لا يدوم، وأن لحظة الهلاك قد تكون أقرب مما يتصور الطغاة. وبين التاريخ والواقع، يكتب الفلسطينيون فصلًا جديدًا من الصمود، عنوانه:
*الحق لا يُهزم وإن طال الطريق.*