آخر تحديث :الأربعاء-03 سبتمبر 2025-03:35ص

البنك المركزي اليمني ينتصر.. والضربة التي لا تكسر الظهر تقوّيه

الثلاثاء - 02 سبتمبر 2025 - الساعة 08:01 م
حمدي محمد

بقلم: حمدي محمد
- ارشيف الكاتب


أعتقد أن موقف البنك المركزي لم يكن سلبيًّا كما يظن البعض، بل إن صمته كان إيجابيًّا، وإجراءاته التي أعلن عنها في تصريحه أمس كانت سليمة ومدروسة.

ولمن يتساءل: أين تكمن الإيجابية؟ نقول إن الإيجابية تكمن في أنه دفع المواطنين وشركات الصرافة إلى الاستفاقة، وأشعرهم بأن الواقع تغيّر، وأن المرحلة لم تعد كما كانت سابقًا، وأن كلمة الفصل والقرار بيد جهة واحدة اسمها البنك المركزي، وأن قراراته ثابتة لا تتزحزح. البنك المركزي يقود المرحلة وفق مؤشرات وبيانات ومعلومات دقيقة ومدروسة، وليس بناءً على رغبات أو أهواء.

إنها رسالة واضحة لتلك الجهات المختلفة أن تراجع أفكارها، وأن تتخلى عن نظريات المؤامرة والاغتنام السريع على حساب اقتصاد الوطن ومستقبله. اليوم لن تستطيع أي جهة التأثير على قرارات البنك المركزي أو توجيهها كما كان يحدث في السابق.

إنها أيضًا رسالة إيجابية لاستعادة البنك المركزي هيبته ومكانته، وللتأكيد على قوة قراره. ويجب على الجميع، من مواطنين وشركات صرافة، أن يضعوا ذلك في عين الاعتبار. كما أنها رسالة يوجّهها البنك المركزي للجميع بأنه معنيٌّ بحماية أموال المواطنين، وعلى الجميع الالتزام والتقيد بما يصدر عنه من تعليمات.

أما بخصوص من يطالب شركات الصرافة بإعادة فروقات الصرف للمواطنين، فالحقيقة أن تلك العمليات تمت برضا الطرفين وبقناعة كاملة، ولا يمكن اعتبار أن هناك طرفًا مُجبرًا أو مظلومًا. البنك المركزي سبق أن منح شركات الصرافة حرية شراء العملات بأقل من السعر الرسمي، لكنه حظر عليهم الشراء بأسعار تفوق تسعيرته الرسمية. كما أصدر قرارًا يقضي بأن لجنة استيراد الموارد فقط هي الجهة المخوّلة بصرف العملة الصعبة.

وبالتالي فإن استعادة تلك المبالغ إلى البنك المركزي وشراؤها من الصرافين بهامش ربح محدد يتماشى مع قرار البنك المركزي، يجعلها ملكًا للبنك لمعرفته بالجهة التي باعت العملة للصرافين. ولو افترضنا أن مصدر تلك الأموال مجهول، فمن الطبيعي أن يتخذ البنك الإجراءات القانونية بحق من خالف.

الخلاصة أن ما حدث كان محاولة لضرب البنك المركزي والتشكيك في خطواته، لكن البنك كان يقظًا، وردّ الضربة على أصحابها، بل حوّلها إلى ضربة مرتدة قوية. واليوم يمكن القول إن البنك المركزي خرج من غرفة الإنعاش، وتماثل للشفاء، وهو الآن في وضع صحي وذهني وقيادي ممتاز.

والمثل يقول: الضربة التي لا تكسر الظهر تقوّيه. لذا من حقنا أن نقول: البنك المركزي أقوى من أي وقت مضى، وقد كسب مناعة إضافية تحصنه من محاولات الإرباك والتشكيك، ويمشي بخطى واثقة ومدروسة وصحيحة لا يمكن أن تعود للوراء. وعلى من لا يزال في نفسه شك بعد هذه الخطوة، فهذا الموقف كافٍ لأن يقتنع، ويلتحق بالركب، ويتفاءل بالمستقبل القريب المشرق بإذن الله.