توفِّي اليوم صديقي محمد صالح بن جدي، وزميلي في مقيل الشجرة.. غادر اليوم دنيانا الفانية بعد معاناته لسنين من عدة أمراض لكنه لم يستسلم، وواصل حبه واقتحامه ميادين الحياة.. لا تجده إلا مبتسمًا، وعندما يطل علينا في مقيل الشجرة بجعار أسعد بمجيئه كثيرًا.. وهو، غالبًا، لا يحب الجلوس إلا بجانبي، ونتبادل الأفكار والمشاعر والاهتمامات الثقافية حول ما يدور حتى أن البعض الذي يضيق ببعض آرائي وملاحظاتي لا يخفي التبرم من تقاربنا وانسجامنا الكثير.. يعجبه المنطق، وقول الحق،محب لكل الناس، عدو لدود للمظالم والعصبيات.. وجدنا في قربه..حضوره.. راحة، وأُنسًا، وهو كله طيبة وأخلاق وكلمات مبتسمة، وممازحة.
محمد بن جدي كادر مميز في عمله السابق في مكتب الصحة بالمحافظة.. مديرًا إداريًّا وماليًّا، ومسؤول شؤون الموظفين ناجح.. خدم كثيرين، وكان قياديًّا في تجمع الإصلاح في أبين.. تولى الإدارة السياسية في فرع الحزب لسنوات، موضوعية، إحداث توازن، السعي إلى تعزيز مدنية الحزب، ومع مرضه في الفترة الأخيرة.. سُحبت منه الدائرة..
محمد بن جدي رجل ثقافة تنوير.. هو صاحب مكتبة الأنصار في جعار، وساهم خلالها بنشر الثقافة والتنوير والقيم المدنية، كما كان كاتبًا في صحيفة الطريق، ونشر فيها عدة مواد ومقالات..
هو خلوق، مهذب، وكذا أسرته.. ذاق اليتم وأخوانه من الطفولة، وكافحوا في الحياة محافظين على السمعة العاطرة، والأخلاق الفاضلة، والسعي الصادق، والأداء المجتهد.. يفرضون الاحترام على الجميع.
عبدالله بن جدي أخوه.. زاملته في الدراسة الابتدائية بمدرسة صالح خميس سابقًا،الحمزة حاليًّا.. شاب مهذب ومجتهد، وفرقتنا الحياة.. كل ذهب إلى وجهته. ومعه أخ ثانٍ هو صلاح كادر في كهرباء أبين، ومتقاعد.
كم كنت أشعر بالارتياح في جلسات صديقنا الجميل محمد الذي غادرنا اليوم، يمتلك ثقافة مميزة، ونظرات موضوعية محفزة وملهمة لكثير من الحوادث والأمور..
أعزي نفسي وأخويه صلاح وعبدالله، وأولاده رشيد ونادر وصالح، وأصحاب الشجرة، وكل محبيه.
إلى جنة الخلد يا محمد.. ستبقى ذاكراك عالقة في ذهن من عايشك، ولو لحظات.