آخر تحديث :الخميس-14 أغسطس 2025-09:27م

مغالطات وتدليس.. في حوار مزعوم.!!

السبت - 09 أغسطس 2025 - الساعة 08:29 ص
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


قرات منشوراً لأحدهم اسماه *حوار شيق بين قراني وتراثي* ووجدت فيه مغالطة كبيرة في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية، ويعكس منهجًا انتقائيًا في استخدام الآيات القرآنية لتبرير موقف مسبق.


قال:

حوار شيق بين احد من اتباع التراث و آخر من اتباع القرآن الكريم :


_قال لي السنة مكملة للقرآن .

_فقلت له الله تعالى يقول : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ


_فقال لي (نعم ولكن السنة تفصل القرآن)

_فقلت له الله تعالى يقول : أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً


_فقال لي نعم ولكن هناك أشياء لم يبينها القرآن .

_فقلت له الله تعالى يقول : مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ .


_فقال لي نعم ولكن لابد من اتباع السنة .

_قلت له الله تعالى يقول : أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ .


_فقال لي نعم كتاب الله وسنة الرسول

_فقلت له الله تعالى يقول : فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً .


_فقال لي أنت تنكر سنة الرسول .

_فقلت له الله تعالى يقول : سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ


_فقال لي أنت تنكر الأحاديث

_فقلت له الله تعالى يقول : تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ


فقال لي نعم ولكن آيات القرآن تحتاج إلى بيان وتوضيح

_فقلت له الله تعالى يقول : وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ .


_فقال

انتهى نعم ولكن آيات القرآن تحتاج إلى تفسير

_فقلت له الله تعالى يقول : لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ


_فقال لي أنت تنكر تفاسير المفسرين

_فقلت له الله تعالى يقول : وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً


_فقال لي نعم ولكن ايات القرآن يصعب فهمها

_فقلت له الله تعالى يقول : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ


_فقال لي نعم ولكن القرآن لم يبين الصلاة بالتفصيل ؟!

فقلت له الله تعالى يقول : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً


_فقال لي نعم ولكن رسول الله يقول : (صلوا كما رأيتموني أصلي)

_فقلت له الله يقول في تعليم الصلاة : فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُون) .


انتهى الحوار المزعوم،،،،


والرد الحاسم على هذا الحوار يكون بتوضيح الأخطاء المنهجية التي وقع فيها صاحبه، وتقديم الأدلة على التكامل بين القرآن والسنة.

1. مغالطة استخدام الآيات في غير موضعها:

صاحب المنشور يستعمل آيات القرآن الكريم بشكل خاطئ، فكل آية ذكرها لها سياقها الخاص ومعناها الدقيق، وهو ينتزعها من سياقها ليخدم فكرته.

* وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ:

هذه الآية تعني أن القرآن أصل لكل شيء في الدين، فهو المصدر الأساسي، لكن هذا لا ينفي دور السنة في توضيح وتبيين هذا الأصل.

* مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ: هذا يعني أن القرآن كامل وشامل في أمور الدين، لكنه لم يذكر كل التفاصيل.

فكيفية أداء الصلاة، وعدد ركعاتها، ومواقيت الزكاة، لم تُفصل في القرآن، وهذا التفصيل هو ما جاءت به السنة.

* فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ:

هذه الآية تُشير إلى أن القرآن هو أحسن الحديث وأصدقه، لكنها لا تُنكر وجود الأحاديث النبوية، التي هي قول الرسول صلى الله عليه وسلم، بل تُؤكد على عظمة القرآن.

2. التناقض في فهم "السنة" و"الوحي"

صاحب المنشور يخلط بين عدة مفاهيم أساسية ليُثبت وجهة نظره:

* كلمة "سنة الرسول": زعمه أن هذه الكلمة لم تُذكر في القرآن هو تدليس، فالقرآن يُثبت وجوب اتباع الرسول وطاعته في قوله تعالى:

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النور: 54].

طاعة الرسول هي اتباع سنته، فكيف يُمكن طاعته دون معرفة أقواله وأفعاله؟

3. صاحب المنشور يجهل كيفية فهم الصلاة من خلال ادعاءه بأن الصلاة "طقوس وثنية وضعها ملوك بني أمية وعباس" هو اتهام لا يمت للعلم بصلة، وهو دليل على جهل فظيع بالتاريخ الإسلامي ومصادر التشريع.

* دليل السنة على الصلاة: الصلاة ليست مجرد "صِلة بالقلب"، بل هي عبادة عملية فرضها الله على المسلمين. الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وهذا أمر صريح منه بتقليده في كيفية الصلاة.

وهذا الحديث هو الدليل على أن الصحابة نقلوا الصلاة عنه، ثم نقلها التابعون عنهم، وهكذا جيلًا بعد جيل، إلى يومنا هذا.

* تواتر الصلاة: الصلاة من العبادات التي وصلت إلينا بطريق التواتر العملي، وهذا يعني أن ملايين المسلمين أدوا الصلاة بنفس الكيفية عبر التاريخ، وهذا يقطع الشك في أنها نُقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم.


4. الخلاصة

فهم هذا الشخص "السقيم" يكمن في:

* إهمال السياق: يُخرج الآيات من سياقها لتُعطي معنى مختلفًا.

* إنكار السنة: يُنكر السنة النبوية التي هي جزء لا يتجزأ من الدين.

* الجهل بالتاريخ: يُوجه اتهامات باطلة بأن الصحابة والتابعين والعلماء اخترعوا الصلاة.

هذا المنهج يؤدي في النهاية إلى إنكار الدين، لأنه يُفقد المسلم القدرة على فهم القرآن وتطبيقه، ويجعله عرضة للتلاعب والتفسيرات الشاذة. فالرد على هذا المقال يجب أن يكون بتوضيح هذه النقاط، وتبيان أن القرآن والسنة وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر.