آخر تحديث :الجمعة-19 سبتمبر 2025-01:41ص

تجارة السلع الغذائية تغلق أبوابها بوجه الشعب

الخميس - 07 أغسطس 2025 - الساعة 09:16 ص
جمال مسعود

بقلم: جمال مسعود
- ارشيف الكاتب


يكتبه / جمال مسعود


خلال الأشهر الفائتة شهد الجنوب والمناطق المحررة طفرة نوعية في مكاسب تجار السلع الغذائية نتيجة السقوط النقدي لقيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ، ووصل سعر الريال السعودي إلى قريب حاجز ثمانمائة ريال يمني والدولار تجاوز الثمانمائة بعد الألفين كأسوأ مرحلة في تاريخ سقوط وتدهور العملة ليس في اليمن فحسب بل على مستوى العالم ، دون أن يكون هناك مبرر للسقوط كالجفاف ونضوب المخزون النفطي وشحة الثروات والموارد أو حصار عالمي اغلق المنافذ البرية والبحرية والجوية ولم تتعرض اليمن لكوارث الزلازل والفيضانات او الانقلابات العسكرية ، غير أن الإدارة المالية والاقتصادية الفاشلة هي من تسببت بكل ذلك .

الواضح للعيان والذي لاشك فيه هو استثمار تجارة السلع الغذائية لهذه الطفرة والارتفاع الجنوني في الأسعار والذي مثل لها أرضا خصبة ومساحة كبيرة للربح المفتوح والثراء الغير متوقع فتحول المستهلك على شحة موارده إلى مكسب وبقرة حلوب تشفضها سلع ومنتجات تجار المواد الغذائية فاحدهم على سبيل المثال يشتري القمح الأرخص عالميا ويبيع الكيس ٥٠ كيلو في السوق المحلية للمستهلك بواقع 67000 ريال يمني خلال فترة طفرة الارتفاع محققا مكسبا خرافيا لم تتمكن جداول اكسل من جمعها


تعامل تجار السع الغذائية مع طفرة الارتفاع لسعر الصرف بأريحية تامة ورخاء محققين مكاسب خرافية ليست في الاحلام فالسوق مفتوح والمستهلك محتاج للسلع ويدفع لشراءها دون احتجاج مايقارب الأربعة أشهر يتم استنزاف مدخراته لشراء الغذاء دون رحمة ، ولا مبرر اقتصادي لكل ما يعاني منه المستهلك ، ويستثمره تاجر السلع الغذائية ويحقق منه أرباحا غير منطقية ولا تتسم بالشرف التجاري والأخلاق التجارية



اليوم وبعد أن بلغ السيل الزبى واختنق المستهلك بالغلاء بزغت أمامه إشراقة العودة للحياة الطبيعية ونزول سعر الصرف ، ووفقا للنظم والقوانين التجارية ومبادئ الربح والخسارة يفترض على تجار السلع الغذائية النزول بأسعار منتجاتهم بما يساوي سعر الصرف المتعامل به من قبلهم هم طيلة فترة الطفرة السعرية الفارقة لصالحهم ، لكنهم تركوا العمل التجاري الوطني ومساندة جهود تصحيح الاختلالات النقدية وإنقاذ اقتصاد البلد


اليوم تجار السلع الغذائية يتنمرون على قوانين البيع والشراء ويخرجون عن آداب التجارة وأخلاقيات التجار ويرفضون تغيير اسعار منتجاتهم وفقا لنزول سعر الصرف بل أعلنوا المقاطعة واغلقوا محلاتهم في وجه الشعب ( المستهلك ) الذي استثمروا مدخراته وافقروه لأكثر من عشر سنوات يحققون منه مكاسب خيالية ، هم اليوم يحاصرونه ويمنعون عنه شراء الغذاء بفلوسه لا من منهم متجاهلين تبادل المنافع بين المنتج والمستهلك بطريقة الابتزاز اللا أخلاقية ولا إنسانية وكأنهم يعلنون الحرب ضده بفرض الحصار والتجويع ووضعه أمام خيارين إما الشراء بالاسعار المرتفعة أو الجوع


أن إغلاق البقالات والمخابز والمحال التجارية بصفة عامة والصيدليات في وجه المستهلك ورفض تخفيض الأسعار ليس عملا تجاريا ولا تعاملا وطنيا ولا تحقيقا للمصلحة المتبادلة بين البائع والمشتري ( المنتج والمستهلك ) إنما هو تسييس وخلط بين التجارة والسياسة وموقف ضد المستهلك لأغراض سياسية ليست تجارية متعلقة بالمكسب والخسارة ، فتعافي العملة المحلية ليست اول مرة والطفرة المفاجئة في الارتفاع أو الانخفاض كذلك بسبب الاضطراب السياسي ، وقد حدث مرارا وتكرارا وفي أوقات سابقة وقريبة أيضا


نذكر تجار السلع الغذائية إن بعضهم ساهموا في مواقف سياسية سابقة وعرضوا منتجاتهم بأبخس الأثمان وتخلوا عن الأرباح وأغرقوا الأسواق حينها بمنتجاتهم وسلعهم الاستهلاكية تحت مستوى النفقات التشغيلية بخسارة لاتحتمل لكنها تحمل أبعادا سياسية حققوا من وراءها مالم يحققه قارون في زمن فرعون


أن انتهاج تجار السلع الغذائية اسلوب المقاطعة وإغلاق المحلات في وجه المستهلك هو موقف عدائي لايحمل مظاهر وطنية ولا نخوة ولا شهامة تاجر تجاه أبناء شعبه الذين اشتروا السلع الغذائية غالية الأثمان رغم الفقر والجوع واليوم يعاقبون بقسوة من تجار الربح والربح فقط المخالفين للضوابط الإنسانية المتعارف عليها منذ الأزل في البيع والشراء فكم من تاجر افتقر بعد خسارة فادحة بانخفاض أسعار منتجاته وسقوط قيمتها ، فهذه مآسي التجارة فليس كل مافيها مكسب الا عند تجار الازمات الذين يبحثون عن المكاسب وقت الجوع والعوز وعندما يطلب منهم الوقوف بظهر الشعب