آخر تحديث :الجمعة-15 أغسطس 2025-10:03ص

دودة الزخم الثوري": مرض ما بعد الثورة.

الثلاثاء - 05 أغسطس 2025 - الساعة 02:46 م
عبدالكريم قاسم فرج

بقلم: عبدالكريم قاسم فرج
- ارشيف الكاتب


لم يهتم الطب حتى الآن بدراسة أحد أعتى الأمراض السياسية النفسية التي تصيب كثيرًا من الثوار بعد انتصارهم، رغم أنه مرض قديم ومستفحل، معدٍ وقاتل، اسمه: دودة الزخم الثوري.


يبدأ هذا المرض بأعراض بسيطة قبيل الثورة: حماسة مفرطة، شعارات نارية، استشعار مبكر للخيانة في كل مكان. لكنه يبلغ ذروته بعد "الانتصار". يصبح المريض يعتقد أن الثورة ثورته وحده، وأن البلاد باتت مزرعته الخاصة، وأنه وحده الوطني المخلص، بينما كل من سواه خونة، عملاء، أو فلول ينبغي اجتثاثهم.


المصاب بـ"دودة الزخم الثوري" لا يحتاج لأوامر، فهو السلطة والقيادة والقضاء. يعتقل، يعذّب، يخفي من يشك في ولائهم للثورة أو مجرد انتمائهم لحقبة ما قبلها. وإذا انتهى من خصوم الأمس، بدأ بالتشكيك في رفاق الأمس، واحدًا تلو الآخر، حتى يخلو له الجو. ثم لا يلبث أن يشارك في انقلاب جديد ضد من يراهم خرجوا عن "خط الثورة"، فيحلّ محلهم، ويدور في ذات الحلقة الجهنمية.


هو كائن هدّام بطبعه، يعتاش على الفوضى، ويختنق في أجواء الاستقرار. لا يشعر بالارتياح إلا إذا كانت البلاد في اضطراب دائم. وإن استقرت، مات هو... وماتت معه دودة الزخم الثوري.


هذا المرض لا علاج له، والمريض به لا يعترف أبدًا بمرضه. بل يعتبره نوعًا من الوفاء للثورة. لا ينفع معه نقاش ولا مناظرة ولا علاج نفسي، والحل الوحيد: الفرار منه كما يفر المرء من الأسد.