آخر تحديث :الجمعة-15 أغسطس 2025-04:15ص

الهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي إلى اليمن.. أزمة إنسانية أم أجندات خفية؟

الأربعاء - 23 يوليو 2025 - الساعة 05:43 م
جميل محمد الشعبي

بقلم: جميل محمد الشعبي
- ارشيف الكاتب


في الوقت الذي يرزح فيه اليمن تحت وطأة حرب مدمرة دخلت عامها العاشر، وانهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة وخدماتها، تتواصل موجات الهجرة غير الشرعية القادمة من دول القرن الأفريقي إلى السواحل اليمنية، وخصوصًا في محافظات شبوة وأبين ولحج وعدن. ظاهرة تثير المخاوف وتطرح علامات استفهام كبرى: هل هي أزمة إنسانية بحتة؟ أم هناك من يقف وراءها ويديرها وفق أجندات سياسية أو اقتصادية خفية؟





أرقام تكشف حجم الظاهرة


السلطات المحلية في محافظة شبوة أطلقت، الأربعاء 23 يوليو 2025، تحذيرات واضحة مؤكدة أنها عاجزة عن احتواء الأزمة بمفردها، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بسرعة التدخل ودعم قدرات السلطات المحلية لحماية الأرواح وضبط الوضع الإنساني.

في السياق ذاته، كشفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن أكثر من 37 ألف مهاجر دخلوا اليمن خلال الربع الأول فقط من عام 2025 عبر سواحل شبوة وحضرموت والمهرة. هذا الرقم يعكس حجم المشكلة التي لم تعد تقتصر على كونها "ظاهرة عابرة"، بل باتت أقرب إلى موجة نزوح منظمة ومستمرة.





من يقف خلف موجات التهريب؟


شبكات تهريب المهاجرين، بحسب مصادر محلية، تنشط على طول سواحل القرن الأفريقي، وتنقل المهاجرين في رحلات محفوفة بالمخاطر باستخدام قوارب بدائية، وصولًا إلى السواحل اليمنية التي تفتقر للرقابة الكافية نتيجة هشاشة الوضع الأمني.

اللافت أن عمليات التهريب تتم بشكل شبه يومي، وسط تساؤلات شعبية حول وجود جهات نافذة أو أطراف إقليمية تدعم أو تغض الطرف عن هذه الأنشطة. البعض يرى أن استمرار هذه الموجات قد يخدم أهدافًا سياسية، سواء لإحداث تغيير ديمغرافي، أو لاستخدام هؤلاء المهاجرين كورقة ضغط إنسانية في صراعات المنطقة.





دوافع الهجرة رغم الظروف اليمنية الصعبة


اليمن ليس بلدًا جاذبًا للاستقرار في الوقت الراهن؛ فالحرب أضعفت بنيته التحتية، والخدمات الأساسية شبه منهارة، والبطالة والفقر في مستويات غير مسبوقة. ومع ذلك، يختار آلاف المهاجرين الدخول إليه عبر طرق تهريب محفوفة بالموت.

يرجّح مراقبون أن اليمن بالنسبة للكثير من المهاجرين ليس نقطة استقرار بل معبرًا إلى وجهات أخرى، أبرزها دول الخليج، مستغلين هشاشة الحدود وضعف الرقابة. لكن هذا لا يبرر عدم وضوح الموقف الرسمي وعدم وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الظاهرة.





موقف الحكومة وصمت مثير للقلق


تتجه الأنظار إلى الحكومة اليمنية ورئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والدفاع، لمعرفة خططهم في مواجهة هذه الظاهرة. حتى الآن، الصمت الرسمي هو السائد، باستثناء بعض التصريحات المحلية التي تحمل نبرة العجز وطلب الدعم الدولي.

يرى ناشطون أن هذا الصمت قد يعكس غياب الإرادة أو ضعف الإمكانيات، ما يفتح المجال أمام استمرار عمليات التهريب بلا رادع، ويزيد المخاطر الأمنية والاجتماعية والاقتصادية على المحافظات المستقبلة.





أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية


وجود آلاف المهاجرين في محافظات الجنوب يشكل تحديًا مزدوجًا:


اجتماعيًا: يثير القلق من حدوث تغيرات ديموغرافية، وانتقال أمراض أو زيادة معدلات الجريمة نتيجة غياب الرقابة.


اقتصاديًا: يشكل عبئًا إضافيًا على الخدمات الصحية والبلدية التي بالكاد تغطي احتياجات السكان المحليين.


أمنيًا: يخشى البعض من استغلال هذه الهجرات في التسلل أو تهريب السلاح والممنوعات، أو حتى توظيف بعض المهاجرين في أنشطة مشبوهة.






دعوات للحوار المجتمعي


يطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بضرورة عقد ندوات وحوارات مفتوحة تضم خبراء وممثلين عن السلطات المحلية والمنظمات الأممية، لوضع خطة شاملة تتعامل مع الظاهرة من منظور إنساني وأمني في آن واحد، وتوضيح الحقائق للرأي العام.





أسئلة بلا إجابات


حتى اللحظة، تبقى التساؤلات بلا إجابات حاسمة:


من يمول ويدير شبكات تهريب البشر إلى اليمن؟


هل هي مجرد أزمة إنسانية فرضتها الأوضاع الاقتصادية في القرن الأفريقي، أم جزء من أجندات أوسع؟


وأين الحكومة اليمنية من كل ذلك؟



في ظل غياب الاستراتيجية الرسمية، واستمرار تدفق المهاجرين بشكل يومي إلى سواحل شبوة وأبين، يزداد القلق الشعبي وتتضاعف المخاطر، فيما يبقى المواطن الجنوبي هو المتأثر الأكبر من تداعيات هذه الظاهرة المعقدة.