في ظل تصاعد أزمة المياه الخانقة التي تضرب مدينة تعز منذ سنوات، تتجه الأنظار إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها العميد طارق محمد عبدالله صالح، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية، لحل هذه الأزمة المتفاقمة. فقد كان من أوائل المبادرين إلى اعتماد مشروع استراتيجي هو مشروع مياه الشيخ زايد في منطقة الضباب، الذي قُدرت كلفته بنحو عشرة ملايين دولار، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب لسكان المدينة الذين يعانون من شح المياه وغلاء أسعارها.
لكن المشروع الذي بدأ قبل عامين لم يكتمل، حيث واجه عرقلة واضحة من جهات وأطراف لا يبدو أنها تريد الخير لتعز وسكانها، بل تسعى إلى إبقاء المدينة رهينة للأزمات والمعاناة. وفي مواجهة هذه العراقيل، لم يتوقف العميد طارق صالح عند هذا الحد، بل استمر في سعيه للبحث عن حلول بديلة، ووجّه اللجان الفنية إلى التوجه إلى مناطق مجاورة للضباب تتبع مديرية جبل حبشي، لاستكشاف إمكانية استكمال المشروع من هناك.
غير أن تلك المساعي اصطدمت مجدداً بما يمكن وصفه بقوى التخريب التي سارعت إلى بث الشائعات والمخاوف بين السكان، مدعية أن المشروع سيؤدي إلى نضوب المياه السطحية، رغم أن الحقائق العلمية تؤكد أن استخراج المياه الجوفية لا يؤثر على المياه السطحية بشكل مباشر، لا سيما عند مراعاة الأسس البيئية والهندسية الصحيحة. هذه الحملات الممنهجة، والشائعات المغرضة دفعت بعض سكان المناطق المستهدفة إلى التظاهر والمطالبة بإيقاف المشروع وسحب التمويل، في مشهد يبعث على الألم أكثر من الغضب. شعب يُحرم من نعمة الماء، بأيدي من يفترض أنهم أبناؤه.
إن ما يحدث من عراقيل لهذا المشروع يطرح العديد من التساؤلات الجوهرية:
لماذا تصر بعض الأطراف على عرقلة مشروع إنساني يهدف إلى إنهاء واحدة من أخطر أزمات مدينة تعز؟ ولمصلحة من يُحارب هذا المشروع الحيوي؟
ولماذا لا يدرك بعض أبناء مدينة تعز أن هذا المشروع ربما يكون الفرصة الأقرب لحل مشكلة المياه التي تنهكهم يوماً بعد يوم؟
ولماذا تنساق بعض العناصر في تلك المناطق خلف دعوات التخريب والتشكيك، رغم أن المشروع لن يخدم تعز فقط، بل سيعود بالنفع المباشر على مناطقهم؟
أبناء تعز مطالبون اليوم بالتميز بين من يريد لهم الحياة، ومن يقتات على معاناتهم، فالماء ليس رفاهية، بل ضرورة اساسية.
كما هم مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى توحيد كلمتهم وتغليب مصلحة المدينة فوق كل الحسابات الضيقة، فالمياه شريان حياة، وأي مشروع يسهم في توفيرها يستحق الدعم والمساندة، لا العرقلة والتشكيك.
وفي هذا الوقت الذي تتعالى فيه الشكاوى من انقطاع المياه وارتفاع تكاليفها، من غير المنطقي أن يُواجه مشروع بهذا الحجم والتأثير بمعارضة مفتعلة، خاصة وأنه جاء تلبية لحاجة ملحّة، وتنفذه جهة وطنية حريصة على مصلحة المواطنين.
ختاماً، لا يمكن مواجهة الشر والمعاناة إلا بالإرادة والتكاتف، ولن تُحل أزمة المياه في تعز إلا حين يدرك الجميع أن الحلول لن تأتي من التناحر والعرقلة، بل من دعم كل مشروع يخدم الإنسان ويصون كرامته. فهل تستفيق الأصوات المعارضة، وتسمح بأن يصل الخير إلى من يستحقه؟